12 نوفمبر 2010

من أجل إعادة استعمال ما لا نستعمل

بدأ كيوم للترتيب والتنظيم..
وأنا على تلك الحال انتبهت إلى كثرة الإلكترونيات المتواجدة هنا وهناك، أي صندوق أفتحه وخزانة أفرغها إلّا وأجد هناك سلكا، قطعة إلكترونية، عتاد حاسب أو ما جاور. لم لا أجمع هذا إذن؟

عملية جمع محدودة لأجد نفسي أمام "كومة إلكترونيات" صالحة للإستخدام، لكنّني لا أستخدمها!


أسلاك USB2، أسلاك الشبكة، فلترات الإنترنت، موديمات، أقراص صلبة وهلم جرّا..
مهلا؛ لديّ طابعتين، شاشة حاسب 15 وناسخ ضوئي في مرآب البيت إن لم تخنني الذاكرة!

القاسم المشترك بين كلّ هذه الأغراض أنّها:
  1. مستعملة سابقا،
  2. لا زالت صالحة للإستعمال،
  3. لكن لا يستعملها أحد الآن.
الحلّ السهل هو إرسال هاته الأغراض لأقرب حاوية قمامة ^_^
لكنّه ليس حلّا في الواقع؛ يكفي أنّها أغراض متخمة بالمواد المضرّة بالبيئة، وبلادنا لا تعترف بفلسفة تدوير النفايات، هي بالكاد تجمعها!
ثمّ إنّ التخلّص منها بهاته الطريقة قد يحرم أحدهم من الإستفادة منها، ففي النهاية هي إلكترونيات لا زالت صالحة للإستخدام.

هنا، أجد أنّني بدوري أحتاج لوحة أمّ لحاسب قديم (نعم قديم، يبدو مخيفا! لكنه لا زال صالحا للإستخدام وسيصلح لمهمّة معيّنة)، لا تنقصه إلّا تلك اللوحة، من أين لي بها وهي تنتمي لعتاد لم يعد يباع حاليا في الأسواق؟
لكن في المقابل، أتوقّع أنّ هناك الكثير ممّن لديهم الكثير من قطع الحاسب، الإلكترونيات بصفة عامة، لا زالت صالحة للإستخدام لكنّها مركونة في مكان ما أو تمّ رميها بكلّ بساطة!

ماذا لو كان هناك "تبادل" ما؟
  • مركز لجمع الإلكترونيات المستخدمة.
  • كلّ من لم يعد في حاجة لعتاد حاسب كيفما كان، قطع إلكترونية، أجهزة... يتبرّع به لفائدة المركز.
  • وإلّا يمكن للمركز شراء تلك الأغراض بثمن منخفض.
  • يمكن لكلّ عضو، نظير تبرّعه أو بيعه لعتاد ما، أخذ أو شراء عتاد بقيمة مقاربة هو في حاجة إليه.

وهذه جملة فوائد مترتّبة عن هذا المركز:
  • عوض الإحساس بالذنب نتيجة تصريف أغراض سامة بطريقة غير أخلاقية (تصوّر أنّ ابن الجيران توفّي بعدما ابتلع بطّارية صغيرة وجدها في ساعتك التي رميتها البارحة؟)، ستظلّ الأغراض تلك تُستخدم من طرف أشخاص آخرين.
  • عوض الإضطرار لشراء موديم من موزّع الخدمة، وهذا يعني تجديد الإشتراك لمدّة سنة، يمكنك الحصول عليه مجّانا لأنّ أحدهم يملك واحدا إضافيا لا يستخدمه، وربّما أنت تملك قطعة أخرى لا تحتاجها.
  • عوض إنفاق الأموال على شراء قطع لن نستخدمها كثيرا، ربّما من الأفضل الحصول عليها مستعملة بربع الثمن ^_^ (مثلا، لم شراء مقبض لتركيب أسلاك شبكة منزلية ب150 درهم في حين يمكنك الحصول على واحد مستعمل ب30 درهم ويقوم بنفس الغرض؟)
  • فأرة من هذا وشاشة من ذاك، قرص صلب من فلان ولوحة مفاتيح من علّان وها نحن جمعنا حاسبا يمكن التبرّع به لفائدة شخص غير قادر على شراء حاسب جديد.
  • ستكون فرصة للجيل الناشئ وحتى الكبار، من أراد استكشاف كيفية عمل الأجهزة (كم من جهاز أجريت له عملية جراحية في صغري :P )، عوض أن يتخيّل الفتى كيفية عمل القرص الصلب يمكنه فسخ قرص صلب حقيقي والعبث بمكوّناته، عوض أن يتحرّج الرجل من صيانة حاسبه المتنقل خوفا من تخريبه يمكنه تجربة ذلك على حاسب متنقّل غير صالح للإستخدام مثلا، وهكذا.
  • قد تكون فرصة ليخترع أحدهم شيئا ما عن طريق الربط بين كومة الإلكترونيات الموجودة أمامه (لا بأس ببعض التفاؤل ^_^)
  • مممم، وقد تكون فرصة لتجد الفئران مكانا تتكاثر فيه :P
علي أي، لنعد لموضوعنا..
ما مدى إمكانية تطبيق هذه الفكرة محلّيا؟




06 نوفمبر 2010

زيارتي للرباط

ليست أوّل مرّة أزور فيها الرباط، عاصمة المملكة، لكنّها الأولى مع طلّاب كلّية الإقتصاد.
لكلّية الإقتصاد مكتب طلبة، اختصار BDE (التي تعني: Bureau Des Etudiants)، وهو مكتب غيّر الكلّية للأفضل، لديه أنشطة فعلية على مدار السنة (وليس على الورق، عنك أحكي يا كلّيتي العزيزة)، والأهمّ من كلّ هذا: مجموعة طلّاب وطالبات حريصون على الرقيّ بهذه الجمعية.

على أيّ، السفر مع أعضاء هذا المكتب متعة ^_^

كانت الإنطلاقة من طنجة في جوّ ماطر، وكذلك كان طوال المسير. وصلنا الرباط بسرعة أو هكذا أظن، كيف لا والمجموعة نشيطة من البداية: هذا يطربنا بألحانه الشجية وذاك يسرد معلومات عامة، هذا يثرثر من الصباح وذاك يحرص على زرع البسمة في وجوه الجميع. ممم لا أدري كيف ألخّص نشاط المجموعة ^_^

هنا، لحظة وصولنا للرباط بسلام آمنين:


وكانت الوجهة الأولى، مسجد حسّان، بدأ تشييده السلطان الموحّدي يعقوب المنصور سنة 1197، لكن وافته المنية والمسجد لم ينته بعد فظل بناؤه معلّقا ليومنا هذا.. تعرّض المسجد لعوامل اقتصادية، سياسية وجغرافية على مرّ التاريخ ممّا أفقده الكثير من مكوّناته. ما تبقّى ليومنا هذا بعض أجزاء السور الخارجي:


وصومعة حسّان، أو نصفها إن صحّ التعبير، محاطة بعشرات من أنصاف وأرباع سواري المسجد، ذكرى أكبر مسجد في العالم يوم بنائه:


رغم أنّ بناءها لم يكتمل إلّا أنّ علوّها يصل ل44 مترا، ماذا لو اكتمل المسجد يومها؟ جدير بالذكر أنّ الصومعة هاته وصومعة الكتبية بمرّاكش (زيارتي لمرّاكش) وصومعة إشبيلية تقع على خطّ واحد، وأمر ببنائها السلطان الموحّدي يعقوب المنصور.. صارت الأخيرة كنيسة والثانية مزارا تاريخيا، في حين ظلّت الثالثة مسجدا.

لنعد للرباط، أبدو أطول منها نوعا ما ^_^


في الجوار مسجد حسّان الحالي:


كان مقفلا لحظة تواجدنا هناك، المفترض من المآثر السياحية أن تظلّ مفتوحة للزوار طيلة اليوم، فما بالك لو كان مسجدا.. في النهاية فتح المسجد ومُنعت من دخوله (..).



غير بعيد عن حسّان، ضريح محمد الخامس (هناك ضريح آخر لم يكتمل بناؤه بعد):




ثم شاركه المكان ابنه مولاي عبد الله، ولاحقا الإبن الآخر؛ الحسن الثاني:


صورة جماعية للمجموعة:


كانت الوجهة التالية قصبة الأوداية، وللقصبة سور ضخم يلفّها بني زمن المرابطين (القرن 11 ميلادي)، وهذه البوّابة الرئيسية:


صورة جماعية للمجموعة قرب باب الوداية:



تقع القصبة على مصب نهر أبي رقراق في المحيط الأطلسي الذي يفصل بين مدينة سلا شمالا والرباط جنوبا، وفي الصورة حصن القصبة المائل يكاد هدير المحيط يطيح به، فهل من اهتمام قبل الإنهيار المحتوم؟


استقبلت الرباط، كغيرها من مدن المغرب، من فرّ من بلاد الأندلس يوم سقوطها.. استقرّوا في القصبة التي كانت الحصن الحصين. هذه بعض الدروب القديمة داخل القصبة:



وبينما أتجوّل في الدروب تلك إذ بي أمام مسجد فريد من نوعه، وقد كان مغلقا للأسف.
اسمه مسجد القصبة، وهو أوّل مسجد بني بالرباط ولا زال مكانا للصّلاة، بني سنة 1149 زمن الموحّدين، والعجيب في المسجد أنّ محرابه غير موجّه نحو الشرق، أي مكّة المكرّمة، بل نحو الشمال! والسر وراء هذا نظريّة الموحّدين في فهم الحديث الشريف "ما بين المشرق والمغرب قبلة". ولّى عصر الموحّدين فخلفهم من عدّل القبلة وأضاف للمسجد الزخارف:


لا زلنا داخل القصبة، حيث توجد حديقة غناء تحيط بها القصور والأبواب القديمة، تأمّلت في هندسة المكان ليتوارد في ذهني قصر الحمراء بغرناطة..



يطلّ على الحديقة القصر الأميري، إقامة السلاطين إن زاروا الرباط. وكما العادة فقد كان القصر مقفلا ×_×
لا أدري أيّ سياسة سياحية يعتمدها المسؤولون؟ المفترض أن توضع لافتة ما بعين المكان تشير بوضوح إلى الأوقات التي يتاح فيها للسياح الولوج لمزار، معلمة، متحف، مسجد تارخي ما، وكذلك رسوم الولوج ومدّة الزيارة وما لك وما عليك إلخ.. لا أن يترك الموضوع لهوى المكلّف بالمعلمة، كأنّها ملكه هو لا ملكا للإنسانية.
على أيّ، استطعت "الإفلات" من الرقابة لبضع ثوان، والحصاد صورتان ^_^



مرّ الوقت سريعا لتبدأ عصافير البطن في الزقزقة :P
غادرنا القصبة لتناول الغذاء في أحد دروب المدينة القديمة، ومنها استراحة في حديقة نسيت اسمها ^_^


وفي الأخير جولة في الرباط الحديثة، لنصل لمركز التسوق ميكامول MegaMall:


وطبعا لم أكلّف نفسي عناء التسوّق من هناك، تعرفون لم ^_^

إلى هنا تنتهي رحلة الرباط مع مكتب الطلبة، رافقت أنس في الرحلة وكانت فرصة لأتعرّف على عبد الرحيم، أمّا سيرين فهي زعيمة العصابة كما يبدو، أقصد زعيمة مكتب الطلبة ^_^






مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)