29 أغسطس 2008

و اختفى تغريد الطيور

صمت بشع، مخيف رهيب،
بعد سنين طويلة، و بدون سابق إنذار،
توقف لحن الطيور عن الإنشار،
الجو كئيب،
ولدت في بيتي،
و لم تر غيري،
لقد اختفى،
لحن الترحيب!

خلاصة الأمر أن عش الطيور أصبح فارغا، بقدرة الواقع،
قبل ثلاث سنوات، تعرض لسرقة ضاع على إثرها مجهود سنين طويلة من تفريخ و تربية الطيور في رمشة عين، كان يحسب الأيام انتظارا لفقس البيضة، نمو الصغير، تربيته و توليفه على البشر، تمر السنون سريعا و يصبح ذلك الطائر جزءا من حياته، لا يعرف غيره.
استيقظ ذات يوم باكرا وقام بجولة صباحية في الحديقة، مر أمام مكان تواجد الطيور فاستشعر هدوءا، صمتا مطبقا، اقترب بخطوات ثقيلة، ما زال يشعر بالنوم..
لا يوجد "بريكي" هنا؟ أين ذهب؟
زرررر، صرير الباب كان له مفعول الكافيين، من اكتشف طريقة فتحها فغيره لا يقدر عليها؟
تسمر ثواني طويلة، توقف الزمن برهة،
اختفت الطيور!
أمور كثيرة حدثت: تخيل افتراضات لما حدث، يستحيل أن تكون قد اختفت فعلا فلم يحدث هذا سابقا.
خرج إلى الشارع، كانت لديه حصة رياضيات، مرت و هو جامد لا يتحرك، بالكاد يتنفس،
قبل نهاية الحصة بكثير، نحو البيت اتجه، لكشف الحقيقة، فلم يصدق الرواية،
"لقد سرقوا أبنائك"، كانت تلك الخلاصة، فأقفاص اختفت ، لوازم تغير مكانها و آثار الجريمة على الجدران.
س ر ق و ا طيوري؟ هل هذه نكتة جديدة؟
و بتأثير الواقع اقتنع، و استيقظ العقل من سباته، حاول الكثيرون كشف اللغز،،
اتجه صحبة أبيه نحو مركز الشرطة الرئيسي، يجب القيام بمحضر سرقة و إيجاد المجرم،
"لقد سرقوا طيوري حضرة الضابط"، حبس الضابط أنفاسه، كانت هناك نظرة سخرية و اسغراب: "طيور؟؟؟".
ما قيمة هذه الطيور حتى نسجل عليها محضر سرقة؟ 3 دولارات؟
كانت أكثر من ذلك بكثير، الأمور لا تؤخذ بماديتها فقط،
لكن للأسف، لا يعرف غير الماديات، و أوراق النقود..
أفصح الأب عن هويته فاختفت التعقيدات الإدارية سريعا،،
أخذ ورقة المحضر في يده عائدا للبيت، اختزلت قيمة طيوره في ورقة، بكل بساطة!
تدخل هذا و ذاك لإقناعه، لقد كانت مسألة قضاء و قدر، ما باليد حيلة.
كانت الأيام كفيلة لكي ينسى الجميع ما حدث، يتذكرون الحكاية كأحجية لم ينجح أحد في فكها، إلى الآن.
إلا هو!
و هل ينسى أبنائه؟

مرت ثلاث سنوات سريعا،
أصبحت الحادثة ذكرى من التاريخ، لولا أن تكرر الاختفاء مرة أخرى،
لقد كانت ألسنة الواقع تفرض وجودها،
تضيق الخناق على الجدران المتهاوية للعش،
صبرت طويلا، لطالما كانت الأوراق السابقة تؤكد فعاليتها،
لم تنجح هذه المرة، فرض الواقع وجوده،
و سقط الجدار،
اختفت الطيور مرة أخرى،
نفس الحكاية تكررت،
لكن، في غياب ورقة محضر الشرطة،
لا يوجد سارق و مسروق، بل فاعل و مفعول،
بإرادته!
تأمل شاطئ البحر وحيدا، ذهب هناك، حتما سينسى ما حدث،
لقد لمح صقرا،
ما زال يبسط جناحيه يحلق في سماء الحرية،
بعيدا، نحو الشمال يتجه.
لم يفقد الكثير،
على الأقل التقى بالصقر،
رمز الكرامة!







تعليقات فيسبوك:


هناك 4 تعليقات:

  1. ماشاء الله.. أأنت كتبت ذلك..!
    قد قرأتها أول أمس عن طريق جوالي وقد أعجبت بها.. كدت أن أعلق عليها لكن تريثت وقلت يجب أن يكون التعليق بمقامها. والأن أنا في عجلة من أمري قرأتها مرة أخرى وعلقت حتى لا أنساك.

    الله يعوض عليك من رمز الكرامة...

    أنت مذهل يا محمد

    ردحذف
  2. ههه شر البلية ما يضحك
    لست حزينا لانني لا اعرف قيمة الطيور المعنوية بالنسبة لك
    لكن اثارني ان تعتقد انها ابناؤك ؟ لهذه الدرجة هي غالية

    اما الشرطة الغبية فلا تقبض حتى على اللصوص الذين يسرقون المحافظ والناس في الاسواق فبالاحرى ان يهتموا لسرقة عصافير

    لا تحزن
    يمكنك الحصول على عصافير جديدة، وتبدا معها قصة حب لا تنتهي

    بالتوفيق صديقي

    ردحذف
  3. أخي عادل،
    أشكرك على إطرائك،
    القصة حقيقية و عشتها في نفس اليوم الذي دونتها فيه.
    صديقي نعيم،
    طبعا أنت لا تعرف قيمة الطيور، أمن عاش معها كمن سمع بها؟
    أما عن قصة الحب، فأنت تعرف من أحب الآن، إنه سر بيني و بينك :)

    ردحذف
  4. لا تحزن إن الله معكما تذكرني بصديقي "الفالس" بالحمام لا أدري ما يستهويكم فيهم

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)