18 يناير 2009

افتحوا الحدود لنجاهد!!

  • هيا، يا حكامنا، افتحوا الحدود لنجاهد مع إخوتنا في غزة، ضد اليهود الغاصبين..
  • يا حكوماتنا المتواطئة مع اليهود و الأمريكيين، لقد بعتم شرفنا و ديننا :(
  • بئسا لكم يا جيوشنا الصدئة، تنفقون الملايير للأسلحة ثم تتركونها تصدئ!
  • أقوياء على بعضنا البعض فقط، نختفي حين يأكل منا الغريب.
بحماس شديد يردد الكثير هذه العبارات، و إن اختلفت الطريقة.. كلهم في وادي الأحلام يهيمون!

يضحكني كثيرا إلحاح الشعوب لفتح الحدود، و كأننا شعوب دربت على القتال و السلاح! أتذكر ذات يوم حدثت مشاجرة بين أشخاص نافذين و أطلقت فيها بعض الأعيرة النارية باستعمال مسدسات صغيرة، أذكر كيف ارتعدت فرائص الكثير بل و اختبئ هذا و احتمى ذاك! هناك من عاد للمكان بعد أيام صحبة أصدقائه ليرى آثار الطلقات النارية التي لم يسمع بها إلا في الأفلام!! أجزم أن نصف سكان مدينتي لو شاهدوا مسدسا لدب الذعر في قلوبهم، و النصف الآخر يخاف من لمسه فكيف باستخدامه؟ يا ترى لو رأينا دبابة إسرائيلية فماذا سنفعل :)

المقاطعة، أصبحنا نجهر بمقاطعة كوكاكولا ثم نشتريها خفية مساء! نبحث عن بديل أوربي فإذا بنا بعد طول شهور نجد البديل في صف إسرائيل فنقلب الوجهة نحو منتوج آخر، شهور و تتكرر الحكاية فنعود لكوكاكولا! البارحة وصلتني ورقة مما كتب فيها: "انتل منتوج أمريكي، يجب مقاطعته"! حسنا سأقتلع ملصق إنتل من واجهة الحاسب و أرميه، واو لقد نصرت أهل غزة!

هناك من ينتقد عدم جمع التبرعات لأهل غزة، عدم الخروج في مظاهرات لأهل غزة، عدم مؤازرة أهل غزة.. و تجده لقضايا وطنه جاهل. لمعلوماتنا، نسبة ضحايا حوادث السير في المغرب أكبر من نسبة ضحايا الغزو الأمريكي للعراق! هل كلف أحدهم إقناع الرأي العام بمدى خطورة حوادث السير؟ هل ساهم أحدهم ب1/10 درهم للحد من هذه الظاهرة؟
هناك قرى و بوادي على امتداد البصر داخل الوطن لم يجدوا للدواء سبيلا إليه، و كم قرأت عن وفاة عشرات الأطفال يوميا بسبب غياب الدواء و التدفئة، بل بسبب غياب طريق و سيارة إسعاف!! يا ترى ماذا قدمنا لهؤلاء من دعم و هم داخل وطننا؟ بل أصلا من اهتم لهم؟

الإنتقاد، كم نعشقه! تجد الجميع ينتقد الشعوب العربية من المحيط للخليج، ينتقد الحكام و المحكومين، ينتقد كل شيء!! طبعا لأنه ما من أحدهم هب للدفاع عن "المقدسات"، لكن كفى من الإنتقاد و اذكر ماذا فعلت أنت شخصيا؟ أنا أستمع، هيا ماذا فعلت :)
أسهل حل (و أنجعه) هو إلقاء المسؤولية على الحكومات لأنها تقيد كل شيء، بل و حتى المظاهرات تمنعها! فماذا أفعل؟

صدقا، أنا مع قرار منع المظاهرات! لأننا بكل بساطة شعوب لا نعرف معنى المظاهرات أصلا، تتحول المظاهرة في رمشة عين لبؤرة عنف و دمار للسيارات و المتاجر، المظاهرة حول فلسطين فتجدهم يتحدثون عن الحزب الفلاني، منظموا المظاهرة أنفسهم يحتاجون لمن ينظمهم، و الأسوء من هذا غياب الحد الأدنى من التنظيم :) أذكر قبل أسابيع فقط شاركت في مظاهرة و في إحدى اللحظات، طلب المنظم الفلاني ترديد الشعار الفلاني و المتظاهرون قعود، بينما طلب المنظم الآخر عدم ترديد الشعارات بل الوقوف على نمط معين، هذا يقول قفوا و ذاك يقول اجلسوا و الحضور لا إلى هذا و لا إلى ذاك! بعد قليل تشاجرا المنظمان ثم امتد الشجار لأتباع كل فريق و أنا من بعيد أرقب المشهد، أين شعاراتكم و أين مظاهراتكم؟ ها أنتم تتشاجرون مع بعضكم و غير متفقين أصلا...

نعيب على حكوماتنا الذلة التي أصابتها و الخذلان المتشرب فيها، و كأننا شعوب في المستوى! بينما الشعب العربي هو أكثر شعوب المعمورة جهلا و تخلفا!! يكفي أن جامعاتنا لا محل لها من الإعراب، لغتنا لا محل لها في العقول، الترجمة في أوجها عندنا و الحمد لله (جميعكم يعرف أن ما تترجمه اسبانيا في سنة واحدة يفوق ما ترجمه العرب منذ عرفوا الكتابة، هذه المعلومة قديمة قليلا أما الآن فربما ما يترجمونه في شهر يفوق ما ترجمناه منذ وجدنا)، أما القراءة فتلك معشوقتنا التي لا نرضى عنها بديلا :) خصوصا حينما نعلم أن المواطن الإسرائيلي يقرأ 40 كتابا في السنة بينما نحن العرب فكتاب واحد لكل ثمانين نفر! أرأيتم كم نحب القراءة :)
بل و حتى الكتاب الوحيد الذي يقرؤه 80 نفر فيه نظر، تقول الإحصائيات إن للكتب الدينية الشعبية الأولى، تليها كتب الطبخ ثم الأبراج! الكتب الدينية من أجل التزود في جدال السنة و الشيعة و السلفية و الصوفية.. كتب الطبخ لأننا شعب أكول، أما الأبراج فربما نفكر في غزوها، من يدري؟

الحديث عن الطبخ يجرني للحديث عن الألعاب الأولمبية، ففي الوقت الذي تحصل فيه دول لا تكاد تذكر على ميداليات كثيرة، تجد الشعب العربي من محيطه لخليجه يحصد الميداليات بالمئات، لدرجة أنهم يحتاجون لطائرات خاصة تحمل ميدالياتهم الكثيرة، كثيرة جدا لدرجة أنها تعطى للصغار يلعبون بها..

ماذا هناك أيضا؟ سمعت أن الأسماء العربية تصدرت قوائم جوائز نوبل للفضائيات و الأغاني، هذه العلوم الباهرة نجيدها بقوة ما شاء الله، خمسة و خميسة :) مجرد قول خمسة و خميسة يعني أننا شعب متخلف يؤمن بالخرافات التي عششت فينا، لا ريب لو أظهرت الحفريات أن "خميسة" كانت إلها يرمز للخصب و النماء قبل ميلاد المسيح، نتشبثنا بتقاليدنا لألفي سنة و ما زال في العود قوة!

أينما نظرت للشعب العربي فستجده في أسوء القائمة، ثم نعيب لم يتكالب علينا الأعداء؟ لم أصبحنا لقمة مستساغة؟ لم أصبح دمنا رخيصا؟

كفانا من إلقاء اللوم على الحكومات تارة و على إيران تارة أخرى، على فتح ثم على حماس..
نحن شعب لا يستحق القدس، ببساطة لأننا لسنا في مستواها! من أراد العلى فليعمل لها و ليكف عن اختلاق الأعذار.

منذ متى آخر مرة قرأت كتابا؟ لم لا تشتري الآن مجموعة من الكتب و تهديها للصغار، للجيل الناشئ؟
لم لا نعود الأجيال الناشئة على حب العلم، على الإيمان، على الصدق، على الوفاء، على الأمانة، على الإخلاص..
كم مرة أخذت موعدا و لم تلتزم به؟ لم لا تعود نفسك على الوفاء بالعهود و العقود؟
لم لا ننهض بأنفسنا، أترك عنك فلسطين و العراق و الشيشان، ابدأ بنفسك و بالمحيطين، جاهد في هؤلاء فهم أحق عليك، أنشر فيهم حب العلم، حرية التعبير، حب الوطن، الأخلاق العامة.. و لا تبتئس بفشلك، ابدأ بالناشئة و لا تنس الكبار، شهرا بعد شهر قد ترى نتائج ما زرعت و قد لن ترى، لكن لو فعلتها أنا و أنت و هو و هي؟
ربما حينها نستحق لنفكر في الأبعد فالأبعد،
حينها فلنفكر في تحرير فلسطين!
محمد الفاتح فتح القسنطينية و عمره 25 سنة! يا ترى أكان سيفتحها لو لم يكن هناك جنود في الخفاء عملوا على الرفع به منذ كان صغيرا؟ عوض أن ننتظر ظهور صلاح دين جديد لم لا نوفر الجو المناسب لظهوره؟ أعتقد أن شعبا جاهلا كالشعب العربي لن يرضى به صلاح الدين :) و كما يقال: أن تكون فردا من الأسود خير من أن تكون ملكا على الغزلان..

أعرف أن موضوعي هذا غير منسق، و لكن:
  • الأمور تؤخذ بالتدريج
  • الأولى فالأولى
  • أصلح نفسك أولا
  • كفى من انتقاد الآخرين
  • جاهد في نفسك و أهلك، ثم في محيطك
  • إقرأ باسم ربك الذي خلق
  • إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، أين دورك في نشرها؟
أخيرا، اللهم الطف بإخوتنا و أخواتنا في غزة، فليس لهم غيرك.








تعليقات فيسبوك:


هناك 15 تعليقًا:

  1. إستغربت لعدم وجود أي تعليق بعد.

    و هل لأحد القدرة على أن ينكر شيئا من صدق ماقلته في هذه التدوينة.

    قلت لبعض الأصدقاء أن شعار "إقرأ كتاب من أجل غزة" خير مما يهتفون به من شعارات التي لا تزيد و لا تنقص.

    تدوينتك هذه أحسن ما قرأت منذ فترة و أستأذنك بأن أقتبس جزءا منها و أضعه في تدوينة.

    ردحذف
  2. كلامك عين الصوب... فما فائدة المظاهرات والقمة فكلها فالهواء سواء. بل أجد المظاهرات قبل القمة بأسبوعين خللاً فنياً!

    وأما الرصاص والدبابة وحتى الحجر والعصا فالكل يخاف منها، حتى الإسرائيلي!

    ومن قال لك إننا لم نقرأ عن غزة؟ بل قرأنا الحروب العالمية واتعضنا!

    أما الأن سنصلح ونجاهد لأنفسنا ونكف عن إنتقاد الآخرين إصلاحاً لمستقبلنا، وتباً لتاريخنا، الحديث!

    ردحذف
  3. رائع.. لا أزيد عن ما قلته حرفا.
    أرفع قبعتي احتراما لفكرك .

    ردحذف
  4. حقائق صادمة جدا .
    أحد أفراد عائلتي أصيب بمرض جلدي ، فنصحه أحد الأشخاص بأن يضع أوراق الشاي فوق المناطق المصابة ثم نشرها أمام الشمس ، وكأن أوراق الشاي سترسل له الشفاء عير البلوتوت بمجرد ملامستها للشمس والتي هي في هذه الحالة البطارية :) .
    بكل صراحة ، كم هو صعب أن تنتمي إلى شعب فقير فكريا ؟ .

    ردحذف
  5. كأنك تتحدث عن ما يحدث فى البلدان الشقيقة جميعها
    عجبنى كلماتك ومتفقة معها
    بالتوفيق دائما

    ردحذف
  6. موضوغ جيد، تفكيرنا قريب من بعض... هل تعلم ان جوجل وضعت اعلان لهذا الموقع في موقعك؟

    http://www.issta.co.il/?utm_source=wesell&utm_medium=banner&campid=3003

    ردحذف
  7. اخي محمد تحياتي اليك
    الانتقاد ،تتبع العيوب ،تحاشي المواضيع الحساسة
    اخي الفاضل ما كانت المراقبة في امر الا و تبعها اللوم مثلا
    انا و المجتمع و الحكومات كل منا يراقب الاخر و يلومه
    انا طبعا ادعي انني ملاك لا يخطئ و احكم على الغير بل و اتعدى حدود الحرية المباحة

    اخي محمد صدقت و الله
    اذا كان الخلل فينا * فدواء العالم لا يغنينا

    ردحذف
  8. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    لا كلام أزيده هذه المرة أخي محمد.. فقط أحسنت ووفقك الله..
    بعد إذنك:
    http://www.alamalnet.com/vb/showthread.php?t=10745
    مني لك أرق تحية..

    ردحذف
  9. أفضل تدوينة أو مقال قرأته عن غزة منذ بداية الحرب عليها

    ردحذف
  10. يا لطيف..! قبل هذا الكلام وبعده.. أحمد ربي إني باكستانية!! :)

    ردحذف
  11. اهلا أخي محمد .

    شكرا جزيلا على هذه التدوينة الرائعة .

    وسائل نصرة إخواننا بغزة عديدة ومتدرجة ويبدو من غير اللائق حرق المراحل والتوجه الى المظاهرات والمناداة بالتغيير والاصلاح في حين نغفل عن تغيير أنفسنا أولا و إصلاحها ... وكلامي هذا لايعني ان المشاركة في المظاهرات هي من حق الاشخاص المثاليين فقط وأرى أن من واجبنا المشاركة في المظاهرات السلمية والعمل بالموازة مع دلك على الوسائل الاخرى .

    والله الموفق لما فيه الخير .

    ردحذف
  12. --الأخ محمد البردعي، سعدت لاهتمامك، و "لنقرأ كتابا من أجل غزة"..

    --الأخ عادل، ما أعدلك! الفرق أننا نخاف منها و هي موضوعة على فراغ، أما لو كانت بين يدي آدمي فنذهب في غيبوبة :)
    هناك خوف مشترك بين الجميع، و هناك خوف ممزوج برهبة تجمد العقل و الفكر و لا تسمح إلا لراية الاستسلام بالإرتفاع..

    --الأخت vamprita، العفو، قليلا ما نجد من يتفق معنا :)

    --الأخ أحمد الرامي، عايشت عن قرب قصصا مشابهة، و لطالما سخرت من مدى إيمان البعض بحتمية النتيجة!!

    --الأخت موناليزا، و بزيارتك أنا أسعد..

    --الأخ الأمير السعودي، أهلا بك، و لا تدقق :)
    إلا الإعلانات تلك فلم أفهمها، الرابط يوصلني لصفحة بالعبرية؟

    --الأخ أيمن عبد الحميد، إذا كان الخلل فينا -*- فدواء العالم لا يغنينا، صدقت و جزيت خيرا.

    --الأخ عبد الهادي، سعدت بمبادرتك الكريمة، جزاك الله خيرا، لي صولة هناك بعد حين..

    --الأخ عالم الإنترنت، اشتقت لوجودك هنا :) شكرا لإطرائك.

    --الأخت نجاة، إن كنت كذلك فلست معفية :) قد تفاجئين إذا أخبرتك بأصولي :)

    --الأخ أزهار قلبي، الحمد لله، ما زلت حيا ترزق :)
    لست أنتقد المظاهرات في حد ذاتها، فأنا أيضا شاركت في مظاهرات، و لو زرت حسابي بفليكر لوجدت صورة التقطتها في مظاهرة.. الحكاية هي لمن يهتم بإفراط لأمور خارجية و يتجاهل بتفريط أموره الداخلية، و ما كان إصلاح الخارج يسبق الداخل. كما أن المظاهرات بحد ذاتها عمل كاف لنصرة غزة لدى الكثيرين، و كأننا نصرناهم بخروجنا للتظاهر!

    ردحذف
  13. كلنا مسؤولون عن شيء ما بما أن القضية إسلامية.. وهذا ما أردت قوله .. :)

    ردحذف
  14. جميل مآكتبت أخ محمـد فوآقعنآ صعـب وحآلتنآ صخيفـه ووضعنآ كـرب .. كنت قد قرأت كتابا بعنوان ( القدس السر الإلهي ) استنتجت من القرائه ان القدس هي مؤشر وعلامه لحآلة المسلمين متى مآكآنت القدس مفآتيحها بين أيدي المسـلمين كان حآلهم مرفوع الرأس ومتى ماكان العكس كان حالهم في هوان وضعف وربط الكاتب مايجري بالقدس عندما جاء الطوفان الى المدينه واراد سيدنا نوح ان ينتشل ابنه لكنه رد عليه قائلا انه سيصعد لأعلى الجبل عله يحتمي من الطوفآن كان يفكر ان الطوفآن ماهي الا ظواهر طبعيه وان الصعود اعلى الجبل سيحميه لكنه اغرق ،ونحن الآن ننظر إلى اسرائيل وامريكا ويكأنهم هم المسؤولون عما يجري ولا يـدرون انهم اداة الله في الأرض كما كان الطوفآن اداة الله حينما اهلكت القرية ؟!
    عجبت بالفكره وعجبت بالحلول الأصلاح يبدأ بالداخل فكيف لنا ان نحاول ترميم الخارج وبالداخل شروخات :)
    يعطيك العافيه .. تحياتي

    ردحذف
  15. إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)