25 يناير 2009

أنا وجدته، إذن أنا أملكه!

غريبة هذه القاعدة، و الأغرب من يطبقها!!

تجد أحدهم يفقد شيءا ما، بمجرد ما أن يصل ليدي أي كان يطير فرحا و يبتهج: "إنه لي، هدية من السماء"، و يضمها لقائمة ممتلكاته بثقة!

كيف يعقل أن نجد شيءا مفقودا و لا نبذل أي جهد لنعيده لصاحبه؟ لم نجدها فرصة مناسبة للسطو على ممتلكات الغير :)

قبل يومين نسيت خالتي حقيبتها و ما فيها في التاكسي، إحداهن ركبت في نفس التاكسي بعدها فوجدت الضالة المنشودة! عوض أن تخبر سائق التاكسي لتخلي نفسها من أي مسؤولية، أو عوض أن تذهب به لمكتب شرطة ليتكلف بالمهمة، اختارت إلا أخذ الحقيبة و ضمها لممتلكاتها كأن المفقود لا صاحب له، إذ لم تجد حرجا في الرد على الهاتف الموجود داخل الحقيبة و رفض إعادة الحقيبة لصاحبتها! بل الطامة أنها ذكرت تقديمها لمحتوى الحقيبة هدايا للإخوة و الأصحاب.. أهذا خلق المسلم؟ "حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك"..

ذاكرتي فلاش أفقدهما على التوالي، في كلتا الذاكرتين يوجد ملف نصي به إسمي + معلومات الكلية + رقم هاتفي + بريدي، أظنها معلومات كافية لمن وجد الذاكرة ليعثر علي :) أضعف الإيمان أن يرسل محتوى الذاكرة عبر البريد الإلكتروني، هذا إذا كان هناك إيمان.. لحد الآن لم تظهر الذاكرتين بعد رغم فقداني لهما بمكان ذو قيمة اجتماعية.

في السنة الماضية و أثناء عودة أبواي من العمرة، سقط جواز سفر أبي منه سهوا وسط المطار، طبعا وجدته سيدة فأمسكته و خبأته في حقيبتها! ذكاء منقطع النظير :) الطائرة على وشك الإقلاع في نفس اللحظات و أمن المطار السعودي يبلغ أبي بضرورة التوجه للرياض لاستصدار جواز مؤقت من السفارة بالرياض، تعاون الكثير من أجل سؤال المسافرين عن احتمال رؤيتهم لجواز سفر ما إلى أن وصلوا للهدف، لكم توقع التتمة..

تلك ثلاثة أمثلة من الواقع المعاش، لعل الصورة تتضح،
أخي، إذا وجدت شيءا لا يخصك في مكان عمومي، استعذ بالله من الشيطان الرجيم، تخيل إحساس الطرف الآخر، كم يجري و كم يبحث ليصل لضالته، تلك الضالة الموجودة بين يديك الآن، تلك الضالة التي توسوس لك نفسك بالسيطرة عليها و ضمها لممتلكاتك، تصور نفسك مكان الضحية و فقدت شيءا على حين غرة، تصور نفسك فقدت هاتفك الجوال و به رقم مهم لظروف مصيرية، تصور نفسك فقدت ذاكرتك الفلاش و بها ملفات مشاريعك قبل يوم من الإختبار، تصور نفسك فقدت حقيبتك و بها دواء ملزم و غير رخيص الثمن، تصور نفسك فقدت بطاقتك التعريفية و أنت مقدم على سفر لبلاد العجم، تصور نفسك فقدت القرش الأبيض في اليوم الأسود!

لا تكذب على نفسك و تقول: "رزق ساقه الله لي"، بل مسؤولية في عنقك ستحاسب عليها، تلك أيام نداولها بين الناس، فاجعلها فرصة لكسب رضى الله.

هناك رغبة ما ستشجعنا لتبرير سيطرتنا على ما وجدناه: لا أعرف صاحبها، لا يوجد رقم هاتفه، نسيت أين وجدته، لا وقت لدي للإجراءات الإدارية.. كلام مقنع، ربما. أكنت ستقبل نفس الأعذار لو كنت أنت المشتكي؟ لم يعد الكلام مقنعا :)

أمامك ثلاثة طرق:
  1. و أخيرا ابتسم لي الحظ! كنت أود شراء هاتف جوال و ها أنا قد وجدته في الأرض، واااو :)
  2. هاتف جميل، لكن صاحبه أولى به، سأنتظر قليلا ريثما يتصل صاحب الهاتف و إلا فسأبادر أنا..
  3. هاتف في الأرض؟ يبدو أنني لا أرى جيدا، و إن كان؟ فما علاقتي بالأمر؟
الطريق الأولى، أمممم، مبروك الهاتف الجديد، عقبال ما يضيع إبنك في مركز تسوق كبير و لن تجده إلا بعد مرور أربع ساعات :)

الطريق الثانية، جزاك الله خيرا، ربما قد تحصل على مكافئة :) لكن الأهم هو رضى الله و الراحة النفسية لقيامك بما يجب، و النوم مطمئنا.

الطريق الثالثة، ما أندر المحايدين في هذا الزمان! إن لم تكن تجد التصرف فالحمد لله أنك بعيد عن سوء التصرف، لكن لست معفيا و جرب أن تكون سببا لإسعاد الآخرين..

و هذه نصائح قد تفيدك:
  • إذا وجدت محفظة نقود فهناك وثائق تحمل اسم المحفظة و عنوانه، قد تجد رقم الهاتف أيضا، حاول التواصل مع صاحب المحفظة، و لا تفتش كثيرا، لا تعد النقود الموجودة هناك حتى لا توسوس لك نفسك أخذها، لا تقلب الأوراق و الوثائق و احترم خصوصيات الآخرين.
  • إذا وجدت هاتفا فاحذر: هناك رسائل شخصية و صور عائلية فكن أمينا، تمهل قليلا ريثما يتصل بك صاحب الهاتف، إن لم يفعل فابحث في قائمة الإتصال عن الرقم المحتمل لصاحب الهاتف، ستلاحظ ذلك من الأسماء.
  • إذا وجدت ذاكرة فلاش أو كاميرا، ستجد هناك معلومة تدل على صاحبها، ابحث داخل الملفات و ابذل جهدك.
  • إذا وجدت وثائق تعريفية فتواصل مع صاحب المعلومات لتعلمه بما لديك، إذا لم تتيقن من صاحبها أو لم تجده فقدمها للمصالح المكلفة كإدارة الأمن الوطني و إدارة جوازات السفر.
  • إذا وجدت شيءا داخل التاكسي فتوجه به لأقرب مكتب تاكسي و بلغ عن الأمر، من المرجح أن يتجه صاحب الضالة للمكتب و ثق أنهم سيقومون بالواجب.
  • إذا لم تعرف ماذا ستفعل فأخل نفسك من المسؤولية و من تأنيب الضمير: قدمها للشرطة و أرح نفسك!
  • قدر ظروف الآخر و حاول أن تكون فاعل خير، و في أقرب الآجال.
أما بالنسبة لي و لك، و لكل من يحتمل فقدانه لمتاعه يوما ما، فلا تنس إضافة بياناتك و وسائل الإتصال في محفظتك، هاتفك، مذكرتك، حافظتك، حاسوبك اللابتوب، كاميرتك و كل شيء محتمل الضياع..

لكن بعد هذا، كن حريصا و اضبط أمورك :) و كفى بالله وكيلا..

ملاحظة: الموضوع لا يخص من وجد قطعة 2 مليم بالشارع العام، بكل تأكيد!











تعليقات فيسبوك:


هناك 14 تعليقًا:

  1. ضاعت البطاقة التعريفية لقريب لي منذ فترة، الذي وجدها لم يبلغ أحد وما أصعب إخراج بطاقة جديدة!

    أما لتسليم الأغراض للشرطة فهذا الأمر لن أفعله وتعرف السبب :D

    ردحذف
  2. كل ما قلته أخي لا يفكر ويعمل به إلا إنسان خلوق مثقف وواعي والأهم صاحب ضمير ، وما أنذر هذه الصفات في الإنسان في يومنا هذا .
    هناك ظاهرة للأسف أبشع من التي تحدثت عنها بكثير وهي قريبة لها أيضا ، وهي السرقة أو ما يسمى عندنا في المغرب "الكريساج" ، فكيف يمكن للإنسان أن يذهب بشيء وجده إلى مركز شرطة لتسليمه ، وهو لايذهب حتى ولو تمت سرقته هو بنفسه ؟ .

    ردحذف
  3. --الأخ غير معرف، استخراج بطاقة جديدة يأخذ بعض الوقت و بعض "الصبر" أيضا، فعلا.
    بالنسبة لتسليم الأغراض للشرطة فذلك هو الواجب، قد لن يكونوا في المستوى بل و ربما سيسرقون تلك الأغراض، لكن ليسوا كلهم سواء و انظر للنصف الإيجابي، و لنعمل على تحسين مردودية أمننا.

    --الأخ أحمد الرامي، ذلك الخطأ منا نحن، فلو تعرضنا للسرقة فيجب علينا التبليغ و تحرير محضر للحادثة، شخصيا تعرضت للسرقة و حررت محضرا، قد لن يحدث أي تغيير لكن لو فعلناها جميعا فبالتأكيد سيتم الوصول للجاني، و إلا فلم نلوم الشرطة لا تقوم بدورها أفنقوم نحن بدورنا؟
    "الگريساج" آفة خطيرة و لن تحل بين عشية و ضحاها، اللهم أجرنا من خطرهم و شرهم.

    ردحذف
  4. أعاني كثيرا من ضياع أغراضي ، وأستغرب كيف يطاوع الناس قلبهم حين يأخذونها بدون أي شعور بالذنب ، خصوصا اذا كانت أغراضا شخصية مثل الدفاتر ، البطاقات .. التي لا قيمة لها الا عند صاحبها ، فما الضرر اذا ارجعوها ..
    السنة الماضية تركت بدون قصد دفترا لي (فيه دروس العام كامل) في البقال القريب من كليتكم، بعد دقائق أحسست أنه ليس معي فرجعت فورا، فلم أجده ، سألت كل من كان هناك ، بدون فائدة، المصيبة انها كانت فترة الاختبارات وعليه كنت عوالة :(
    منذ ذاك اليوم ، كل ما أقتني دفترا جديدا أكتب كل بياناتي الشخصية + ملاحظة: اذا وجدت هذا الدفتر فالمرجو ارجاعه ولك مكافأة مادية :d
    هايدا وعلــى الله ..

    ردحذف
  5. صادفت صديق لي نفس المشكلة إذ فقد هاتفه النقال في مقهى إنترنت ولما حاول مكالمة من وجده قائلا له إن كنت إبن الحلال من فضلك أعده لي لأن به أرقاما هامة فرد عليه قائلا ومن قال لك أني إبن حلال؟؟؟!!!

    ردحذف
  6. ملاحظة: الموضوع لا يخص من وجد قطعة 2 مليم بالشارع العام، بكل تأكيد!

    في رأيك هل الموضوع يخص من وجد 6 مليون سنتيم؟؟... شخص من العائلة سقط منه كيس فيه المبلغ وهو متوجه لشراء بضاعة لمحله، والمفاجأة أنه رُد إليه.

    بالمناسبة أخي محمد أخبرتني في تعليق سابق أنك تسكن قرب محطة القطار.. منزل جدتي قريب شيئا ما من مكان سكنك.. حي الشرف بالتأكيد تعرفه.

    ردحذف
  7. --الأخت سيرين، نسيت ذكر "خطف" الكتب في الكلية! يبدو أن الدفتر لم يعد لحد الآن :( حدثت لي حادثة مشابهة و هي التي دفعتني لحمل "ماليطة يدوية" عوض حمل الكتب في اليد..

    جملة المكافئة المادية ظريفة، سأضيفها أنا أيضا :)

    --الأخ سعد الدين، كارثة فعلا، يحدث كثيرا أن نستجدي السارق بأن يعيد البطاقة فقط، حتى لا نضطر لشراء رقم جديد و إعلام الجميع به، تصور أنت الضحية و تطلب من الجاني أن يعيد لك جزءا فقط و الله يسامح في الباقي..

    --الأخ سعيد، "الخير في أمتي باق إل يوم القيامة"، هناك الخير دوما.. و إن ندر مصادفته أحيانا!

    حي الشرف هو امتداد لحيي، أسكن قرب محطة الحافلات و ليس القطار (رغم أن كلتاهما قريبتان من البيت)، حي السوريين لو عرفته، إليك هذه التدوينة المنشورة سابقا:
    http://med-tanger.blogspot.com/2008/11/blog-post_03.html

    الصور الموجودة فيها التقطتها من سطح البيت، قد يعطيك لمحة عن مكان الحي..

    ردحذف
  8. ما وجدته فهو ملك غيرى وأمانة وأمرنا ديننا الحنيف بأن نرد الامانات إلى اصحابها

    ربنا يكرمك مقال رائع عن حق الامانة للمفقودات..

    وربنا يعوضك خيرا من ذاكرتى الفلاش..

    ردحذف
  9. السلام عليكم
    خلال جولتي في الانترنت وقفت هنا واطلعت
    على هذه المدونة وليس لي الا ان اقول انها
    مدونة جميلة بمواضيعها المتنوعة ...
    هذه اول زيارة لي وان شاء الله لن تكون الاخيرة ...

    تحياتي

    ردحذف
  10. أضحكني كثيراً قصة سعد الدين، بالفعل أثبت لي من القصة إن هناك أمة تحتاج إلى تأهيل!

    مرة صديقي سرق من سيارته كمبيوتر المحمول + جهاز الملاحة. وآخر سرق كمبيوتره المحمول + ذاكرة خارجية. نلاحظ من السابق، واحدة لا تكفي!

    ومع كل هذه القصص، أخاف على أمتي عذاب يصيبنا كما أصيب من قبلنا. لكن نسبة "المش ابن حلال" قليل! شاهد معي هذا المقطع...
    http://splicd.com/GFiLc3E8D5o/134/378

    تحياتي

    ردحذف
  11. ذكرتني بادوات التشريح ومعطفي الذين فقدتهما في الجامعة ..
    كنت قد اشتريت معطفًا جديدًا وقتها بسبب تلطخ السابق .. فقدته ولم أجده بعد ذلك بالرغم من أنني قد كتبت اسمي عليه وعلى حقيبة التشريح >__<

    هناك شيئ آخر ..في احد المرات تاخرت للعودة للمنزل، وشاهدت ممن يقمن بالتنظيف يرمين كل ما يجدنه أمامهن في القمامه !
    من أدوات وأقلام وأوراق مهمة وحقائب.. أعتقد أن البطر عندنا قد اجتاح الفقراء أيضًا !

    ردحذف
  12. أحد ابواب الفقه واسمه اللقطة، وهي مال ضل عن صاحبه ، وهذا الدين الحنيف جاء بحفظ المال ورعايته ، وجاء باحترام مال المسلم والمحافظة عليه ، ومن ذلك اللقطة.
    فهناك أحكام خاصة بها فراجعها لتعرف حكمها ولا تحتج بحجج واهية، فالسرقة تبقى سرقة مهما اختلفت الاحوال والظروف.

    ردحذف
  13. شكرا جزيلا أيها الصديق. كلامك ينطبق على من يعثر على مقال في إحدى المدونات بعد أن يجدها في غوغل، فيقول هذه لي :)

    يعطيك العافية*

    * العافية: السلامة :)

    ردحذف
  14. ههههههههه

    سأذكر قصة حدثت لي في رحلة الحج الماضية ..

    عندما كنت في رحلة الحج الماضية .. وقع مني الجوال .. المهم .. قلت مو مشكلة .. بطلع الشريحة مرة تانيه لما أرجع للرياض .. واتصلت على اهلي وقلت لهم .. ولما رجعت الرياض بعد فترة .. اتصل علي بعض أقاربي وقالوا لي اتصلنا على جوالك القديم ورد علينا رجال غريب .. قلت لهم معقولة ؟؟
    الجوال كان واقع مني في المرحاض ( أكرمكم الله ) فما توقعت أبدا ان أحد يستخرجه .. المهم .. اتصلت على جوالي ورد علي رجال غريب .. فقلت له من وين جبت هذه الشريحة يبو الشباب ؟؟ قالي اشتريتها مستعملة من محل جوالات ب 5 ريال .. ( الشريحة قيمتها 100 ريال ) فقلت له حصل خير .. أقدر أخد شريحتي .. فراوغني في الكلام .. والمهم .. كان هو ساكن في الطايف أصلا .. يعني كان مستحيل أخذها منه ..

    وفقدت الشريحة .. لكني استخرجتها مرة أخرى ..

    ولله الحمد ..

    قصتي طوووويلة .. بس كانت زي المغامرة ..

    هههههههه

    بالتوفيق ,,

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)