21 أبريل 2009

ألفباء التدوين، ثقافة التدوين

محمد سعيد احجيوج، من قدماء المدونين عربيا، و بالطبع محليا أيضا..
قد يعرفه البعض عبر مدونته القديمة، لديه حاليا مدونة جديدة تدور في فلك احتراف التدوين، و رغم حداثتها فهي تحتوي على عدة مقالات مفيدة لكل مهتم بالتدوين عامة و التدوين الإحترافي خاصة.

و كعادة كل ذي خبرة في ميدان ما، تتراكم التجربة يوما على يوم، فكانت النتيجة أن أوجزها في كتاب سماه: "ألفباء التدوين":

لكن، أنا أدون، هو يدون، هي تدون أيضا، إذن فما حاجتنا بكتاب لشيء اعتيادي و لا يحتاج لتعريف؟
ذلك ما نعتقد! فمع انتشار ثقافة التدوين و تزايد عدد مستخدمي الشبكة عربيا، بدأت تختلط المفاهيم، و انزاحت المدونة تدريجيا عن سكتها، لدى البعض. بحيث نتصفح مجموعة كبيرة من "المواقع" و لا ندري أهي "مدونة شخصية" أم "موقع إخباري"؟ ربما "بوابة معرفية" أيضا، و في بعض الأحيان تكون خليطا من كل شيء..

كذلك حال المدون، من هو "المدون"؟ هل كل من يملك مدونة يعتبر مدونا؟ بل ما هي المدونة قبل هذا؟ أهي ووردبريس؟
حسنا، أعتقد أن المفاهيم بدأت تختلط :) الأصح أن المفاهيم دمجناها مع بعضها فلم نعد نحسن ترتيبا.

قراءة لكتاب ألفباء التدوين قد تصحح الوضع:
ABC Blogging 2


للإشارة، فللكتاب موقع يمثله، لمن يريد متابعة إصدارات مقبلة أو الإشتراك في النشرة البريدية، و لم لا تواصل مع صاحب الكتاب..

أخيرا، هذه نظرتي للتدوين:

التدوين هو سلوك إنساني عفوي متجذر في التاريخ، مع اختلاف طريقة التدوين عبر الزمن، فهاهم الفراعنة يدونون تفاصيل حياتهم اليومية على جدران المعابد، و ها هي قبائل الهنود الحمر تنقش رسما على حجر.. وسيلة للتواصل مع العالم!
و ليس كل تواصل هو تدوين ما لم يبن التواصل على ترقب رد فعل الآخر. فقد يؤلف أحدنا مقالة عن الطب و لا يهمه القارئ كشخص، بقدر ما يهمه البحث العلمي و النشر المعرفي، تجد المقالة محايدة و تنهج السرد الأكاديمي، تنتظر تعقيبات خبراء طب لا غيرهم. هذا لا يسمى تدوينا و لا صاحبه بمدون.
بينما، و في مكان ما، نجد مقالة أخرى عن الطب أيضا، لكنها موجهة للقارئ كطرف من منظومة التواصل الإجتماعي، هناك معلومات علمية ربما، لكن أسلوب التواصل متفاعل مع القارئ، فها هو صاحب المقالة يقدم رأيه و تجربته الشخصية، كإنسان يتواصل مع الآخر، و الأهم: ينتظر التواصل العكسي، تواصل القارئ معه و تجاوبه مع المقالة. الآن، لدينا مدون!

حاليا، و نحن في القرن الواحد و العشرون، ظهرت تطبيقات ويب سهلت عملية التدوين، فها هي ووردبريس و بلوكر خدمتان مجانيتان تتيحان لكل راغب بالتدوين مدونة، و بالمجان!
كان لهذا بالغ الأثر في انتشار ثقافة التدوين الإلكتروني، بحيث أصبح التدوين لفظا مكافئا للتدوين الإلكتروني. لكنه سلب التدوين شيءا من مبدئه، مما أثر سلبا عليه.
فالتدوين مستقل عن أي برمجية و تطبيق، إذ ليس من الصواب حصره في وسائل معينة لعل أشهرها ووردبريس، هذا الأخير منصة مثالية للتدوين، نعم! لكن قبل ذلك: هو برنامج صالح لأمور أخرى، كموسوعة مصغرة في ميدان ما، لم لا؟ ذلك ما يحدث حاليا: أحدهم يستخدم ووربريس كمنصة لموقع تقني إخباري، ثم نطلق عليه لقب مدون! فقط لأنه استخدم ووردبريس! هل تتحقق مبادئ التدوين هنا؟

و بالموازاة مع التصور العفوي للتدوين، المرتبط بفتح مدونة + الكتابة و التعليق، الإلتزام بهذا ليس ضرورة حتمية: أحدهم لديه حساب بفليكر لنشر صوره، يضيف صورا بطريقة دورية من واقع حياته مع وصف و عنوان يتبعهما تعليقات، هو أيضا مدون! الفرق أنه ارتضى وسيلة مغايرة للدارج، قد تمثل له الصور الكثير بحيث تغنيه عن الأسطر الطويلة، و بهذه الطريقة التي يحبها و متابعوه فهم يتواصلون مع بعضهم بطريقة حميمية، متبادلة و تكتسي طابعا شخصيا، إنه التدوين بحد ذاته!

في أيامنا هاته ارتبط التدوين بنمط افتراضي محدد، هذا لا يعني بالضرورة الإستمرار الدائم له، و خير دليل للتغير الطارئ هي التوترة، من توتر يتوتر توتيرة باستخدام تويتر :) 140 حرف فقط و مع ذلك هي وسيلة تدوين مثالية لدى الكثيرين، مستخدموها في ازدياد مطرد يوميا، ألعدم استخدامهم منصات تدوين دارجة فهم ليسوا مدونين؟ كلا! مع الإشارة إلى تواجد من يستغل هاته الخدمات لأمور غير التدوين، تماما كمن يستغل بلوكر للتعريف بمؤسسة أو جمعية مثلا..

بعد عشر سنوات، من يدري أية وسيلة للتدوين سيتم اعتمادها كتصور تلقائي و مرادف للتدوين، ربما برامج و حيل قد لن يتقبلها المنطق الحالي بسهولة. لكن، ما دمنا نؤمن بالتدوين و بمبادئه، كوسيلة للتواصل الإجتماعي، و المبني على سلوكات تفاعلية حميمية بين المدون و متابعيه، المستقل عن أي طريقة برمجية للتدوين، فللتدوين مرتاديه و عشاقه، على مر الأزمان..






تعليقات فيسبوك:


هناك 9 تعليقات:

  1. دخلت على تدوينتك عن طريق رابط بتويتر وضعه الصديق محمد أحجيوج، وقد وصف تعريفك للتدوين بأنه أفضل تعريف قرأئه حتى الآن، أنا أوافقه الرأي: لقد قربت للقارئ مفهوم التدوين بشكل مبسط وصحيح...
    أحييك بشدة أخي محمد :)

    ردحذف
  2. أتفق مع الكلام بالأعلى تمامًا..

    بالنسبة لنقطة استقلالية البرامج والتطبيقات عن التدوين فهذه نقطة كم أتعبني شرحها لمن طلبوا مني المساعدة في إخراج موقع للوجود ثم اقترحت عليهم استخدام الووردبريس لأنني أحب سهولتها..
    يكون الرد دائمًا: أنا لا أريد مدونة!

    ردحذف
  3. احييك بدوري اخي محمد على هذا التعريف الجميل للتدوين كما اشكرك على الكتاب القيم.

    ردحذف
  4. اخي محمد .. تدوينة رااااااااائعة بحق .. ما شاء الله عليك ..

    فعلاً فالمدونة ليست دائما تحوي (مدون/ة+تدوين) فأغلب المدونات التي اطلع عليها اجد بها الكثير من الخواطر .. والاشعار .. وبيع السيارات .. ؟؟!!

    وفعلاً هناك اشياء علمية بحتة ..

    فحضرتك لخصت بشكل جميل جداً .. عن ماهية التدوين .. فياليت قومي يسمعون!!

    ردحذف
  5. موضوع متكامل ومفيد جدًا لكل مدوّن
    جزاك الله خير ،،

    ردحذف
  6. التدوين شيء جميل في حياة الإنسان، لكن أن نحترف التدوين فذلك شيء صعب نوعا ما.

    تحياتي

    ردحذف
  7. التدوين عندي هو إكتساب خبرة!
    في نظري، وربما أكون خاطئاً، أرى إن الغرب قد سبقونا في كتابة مذكراتهم قبل أن تأتي فكرة التدوين؛ الذي هو حالنا الأن. الغني والفقير، العالم والبسيط، الكبير منهم والصغير.

    سرحت لبرهة وأنا أكتب هذه الكلمات، لدينا في الخليج مادة التعبير، من الأفضل تغييرها إلى تدوين! إنها مجرد فكرة، وسرحة!

    ردحذف
  8. بصراحه عندما وجدت اته هناك كتاب قلت في عقلي مشاء الله هذا ما نريده ولكن عندما وجدته عباره عن صف كلام ووضع خطوط لا اكثر فأقول لمحمد أحجيوج اخي بالله عليك هون على نفسك فان ثقافت التدوين خارجه عن النطاق الشخصي كما ذكرت وبما اني من أنصار بلوجر فأقول له عندما تريد وضع كتاب عليك ان تتحدث مع انصار الجميع ولا تميز ولا تجبر قراك إلى اتباع خيراتك فانا اجد اختيارك من اصعب الاختيارات بجابن البلوجر المرن والسهل ولك كل المحبه وتقدير وانتظر الطبعه المقبله المعدله

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)