30 مايو 2009

بين تنظيمنا و تنظيمهم..

"هم"،
أصادف ملصقا أو يخبرني أحدهم بمحاضرة ينظمونها، على الساعة السادسة مساء، أصل إلى المكان المحدد مع السادسة فأجد كل شيء قد بدأ و انطلقت الأمور على خير ما يرام..
"نحن"،
نقرر تنظيم ندوة ما، يوم السبت صباحا، في ملصق أجد "على الساعة 10:00 صباحا" و في آخر 10:30 صباحا، طيب، مع 11:00 و لم يأتي أحد بعد! 11:30 تبدأ الندوة في غياب نصف المؤطرين الذين لا يصلون كلهم إلا مع 12:00 منتصف النهار.

"هم"،
تبدأ الندوة في سيرورة ممتعة، كل شيء في مكانه مع تنظيم محكم، لا وجود للجنة تنظيمية و كل يعرف دوره جيدا، أجلس أينما شئت مع إحساس بالمساواة بين الجميع..
"نحن"،
الكراسي الأولى محجوزة مسبقا، لمن؟ الله أعلم! لجنة تنظيمية من 10 أفراد بلباس موحد تحس كأن الأمر رسمي أكثر من اللازم، وجوههم عابسة دوما (لم؟) تمر نصف ساعة في تجريب أجهزة تكبير الصوت و امتداد الأسلاك و كذلك جهاز العروض على الحائط..

"هم"،
بمجرد بداية المحاضرة تتوصل بورقة صغيرة بها برنامج اليوم بكل تفاصيله، هذا إن لم تحصل عليها قبل أسبوع. مع الساعة 6:30 هناك محاضرة لفلان بعنوان كذا، ثم مع الساعة 7:15 كأس شاي، تفاصيل أخرى ثم "إلى اللقاء" مع الساعة 9:00 ليلا.
"نحن"،
هي ساعة البداية لم تكن مضبوطة فما بالك بساعة النهاية ^_^ لا أحد يدري مخطط الندوة، إن سألت أحد المنظمين فسيكون الجواب: لا أعرف، و في أحسن الأحوال قد يقول: ربما هناك محاضرة لفلان! في وسط المحاضرة يحدث خلاف بين المقدم و أحدهم لعدم اتباع ترتيب معين فالمحاضر فلان يقول إن الدور عليه، أما المحاضر علان فيؤكد أنه الأولى بهذه اللحظة!

"هم"،
الصوت يصلك أينما كنت، لن تنتبه لمكبر الصوت و لا لأسلاك المد، الإنارة جيدة و هناك لمسة بساطة احترافية في القاعة، مع معلقات في موازاة الموضوع.
"نحن"،
يا إما مكبر الصوت ذو المترين علوا قرب أذنك فتصاب برجة في الدماغ، يا إما أنت في الوسط و فوقك مصباح ساطع يحجب عنك رؤية العرض في الشاشة، يا إما تجلس على كرسي لا يحمل من الكرسي إلا الإسم! منصة المحاضرين مزخرفة أكثر من اللازم و لا بد من إضافة إطارات بها: "السيد الدكتور الأستاذ القدير فلان" لكل شخص على المنصة، في الجدران صور و معلقات خارج الموضوع بكل تأكيد، و إلا فلن تستوي الشوربة.

"هم"،
لن يحصل أن يخرج المحاضر عن الموضوع، بل أصلا هو ضابط لموضوعه جيدا، لسانه لا يخذله و كذلك جسده.
"نحن"،
وارد أن يخرج المحاضر ورقة من جيبه و يبدأ في التلاوة! وارد أن ينطق بالعربية مع مصطلحات بالإنكليزية و العرض بالفرنسية، وارد أن يغط الشخص الذي بجانبه في نوم اليقظة بملل شديد (و استهتار بالمحاضر الذي بجانبه)، أممم، هناك أحدهم يضع أصابعه في أنفه كأنه يحفر بئر نفط، المسكين يريد التصرف بعفوية :D

"هم"،
نصل لمرحلة تدخلات الحاضرين، الكثير يذكر رأيه ببساطة و عفوية في زمن محدد، و المحاضر يجيب على كل شيء بحبور، الجميع يحترم الوقت المحدد له.
"نحن"،
يتدخل أحدهم بادئا كلامه: شكرا لكم سيادة الأستاذ الدكتور المبجل المعظم فاتح روما و محرر القدس.. و بلبلة كثيرة، ثم يطرح سؤالا عن الضفادع الإستوائية بينما المحاضرة عن الأدب الفرنسي! مع ذلك يجيب عليه المحاضر بفلسفة من عقله فهو الموسوعة المتنقلة الذي يعرف كل شيء. بعدها، يطرح أحدهم سؤالا في صلب الموضوع فيرمقه المحاضر شرزا و يضيف: أخي أنت لم تنتبه معنا، لقد أجبت على سؤالك في المحاضرة!

"هم"،
كأس شاي الآن، اخدم نفسك بنفسك و الجميع يتصرف بلباقة و أدب، و لا أحد يراقب!
"نحن"،
إن أكلت شيءا فسيقولون: "جاء ليأكل و يشبع بطنه"، إن اعتذرت فسيعلقون: "تكبر علينا و يسخر من طعامنا"، إن فتحت قارورة العصير سيلاحظون: "يتصرف كأنه في بيته بكل جرأة"، إن انتظرت أن يخدمك أحدهم فسيضيفون: "يا له من مغفل".. في غمرة من هذا تجد سيدة تدس كل شيء في حقيبتها اليدوية و تقلدها ثانية و ثالثة، بعض الأطباق تعرف هجرة للحقائب قبل أن تتذوق ما بها! الحاصل، الأفضل ألا تدخل لهاته القاعة مستقبلا *_*

"هم"،
قبيل انتهاء الندوة يمكنك التحدث مع المحاضرين و أي كان بكل عفوية، بكل وضوح. يمكنك الحصول على CD به كل العروض و الأشرطة التي قدمت، و معلومات إضافية. الجميع يخرج من باب واحد فرحين مسرورين.
"نحن"،
للضيوف باب خاص بهم يفرون منه، و للمحاضرين أبواب سحرية تجعلهم يختفون بسرعة! إن طلبت من أحدهم العرض الذي قدمه فسيعتذر قائلا: لقد أغلقت حاسبي، أعطني بريدك لأرسله لك! (لن يصل، كن متأكدا ^_^)، تحس بتراتبية كبيرة في المجلس مع تكبر و تعجرف بعضهم كأنه ملك القمر و زحل!

"هم"،
كفــــــــــــى!! رأسي يؤلمني الآن!

أخيرا، "هم" و "نحن" بنفس المدينة، جماعة "نحن" هي أنشطة الجامعات (بصفة عامة) و الجمعيات المحلية، تكريم أحدهم و لقاءات ينظمها أبناء البلد عموما. أما "هم" فكل نشاط ينظمه الأجانب المقيمون هنا، كالمعاهد الأجنبية و مؤسسات التبادل الثقافي، و هلم جرا.

سؤال: متى سنتقدم قليلا؟ متى سننظم أنفسنا قليلا؟ متى سنتصرف بحضارية قليلا؟






تعليقات فيسبوك:


هناك 8 تعليقات:

  1. هم يستمتعون ونحن نحسد!
    في الحقيقة لم يعجبني سؤالك أخي محمد، اجدك متشائم والبلد فيه الخير وبزيادة. لو سمحت لي أن أغيرها إلى: أين شبابنا؟ وأين بركاتنا!

    ردحذف
  2. غدا على الساعة 10h صباحا ..

    ردحذف
  3. أنا لم أجرب إلا نحن :)
    ثم إني ضحكت هنا أول مرة وثاني مرة، سخريتك لذيذة :)

    ردحذف
  4. والله يا محمد الواحد لا يعرف ماذا يقول .الاحساس بالحسرة والسؤال المطروح دائما لماذا نحن لسنا مثلهم .......؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    ردحذف
  5. والله يا عم محمد كلام مليان

    الموضوع .. المجاملة .. إن انتهت .. انتهى كل شي برأيي

    ردحذف
  6. هههه...متى؟
    والله خفت ان أقول يوم القيامة فأنعت بالتشاؤم..
    دمت

    ردحذف
  7. --الأخ عادل، أممم، "اين شبابنا و أين بركاتنا"، أخاف لو طرحت هذا السؤال لكانت الصورة أكثر قتامة، خليها في التنظيم محصورة أفضل..

    --الأخت نجاة، :) منك نتعلم :P

    --أختي العزيزة إكرام، طبعا نحن في المغرب لا نختلف عنكم في مصر، نفس الحكاية تتكرر باختلافات بسيطة!

    --الأخ المشتاق، صدقت نعم، شكرا لك.

    --الأخ نوفل، لا ضير من التمسك بشعرة رقيقة نحيفة هزيلة ههه، اللهم تلك الشعرة و لا لا شيء ;-)

    ردحذف
  8. لديك كلّ الحقّ في ما تقول فكلّ البلدان العربيّة هكذا لاكن بدرجات وهذا يعكس التّخلّف والانحطاط الحضاري في بلداننا فنحن نعرف شيء واحد , لوهو التّقليد الأعمى للغرب , والى متى نبقى هكذا ؟؟؟؟؟ وكيف نعود أسياد الأمّة كما كنّا قبل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    الجواب ..... هو العودة الى طريق الاسلام الحقيقيّ فهو منهج الحياة وطريق النّجاح . فيجب البدء بأنفسنا والابتعاد عن المبتدعات والطّرق الضّلاليّة لا أن نبق هكذا نتفرّج فقط . وشكرا يا محمّد حقيقة أقولها أنّ مدوّنتك أعجبتني وأنا أشجّعك .


    أنس من تونس
    البريد الالكتروني : belkhiria.anas@gmail.com

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)