25 أغسطس 2010

المهدي المنتظر

امتلأ المسجد، نحن في رمضان..
كلّ أخذ مكانه في الباحة الخارجية، يفترشون الأرض. هذا يصلّي تحية المسجد وذاك النوافل، لولا أن الجميع يولّون وجههم يمين القبلة بحوالي 40 درجة!

كلّهم يعرفون أنّهم غير مستقبلي القبلة، لكن لا أحد قام وأرشد البقية لاتجاه القبلة الأصحّ، بل لا أحد توجّه نحو القبلة مباشرة، ولو لوحده! نشعر بالأمان هكذا كما يبدو..

كان مشهدا بسيطا رأيته البارحة، وأراه يختصر الكثير.
صرنا أمّة نعرف أنّنا على خطأ؛ تجد صغيرنا يعدّد مجالات تخلّفنا قبل كبيرنا، أمّا شبابنا فكلّهم محلّلون سياسيون اجتماعيون نفسيون: كلّ وتفسيراته، حلوله وتوقّعاته لجنسنا المتخلّف عن الركب.

لكن، لا أحد يقوم بخطوات فعلية لتغيير شيء ما: كلّنا نتّكل على بعضنا البعض!
وفي قصّة المسجد فلا يحتاج المصلّون لمن يخبرهم أنّ قبلتهم غير صحيحة، هم يعرفون هذا! يحتاجون لشخص واحد فقط؛ ذاك الذي يعدّل صفّا ما بنفسه مرشدا المحيطين به للقبلة الصحيحة، لتجد الجميع قد قاموا يعدّلون صفوفهم!

ابتلينا بالإتّكال على بعضنا البعض، كأنّنا ننتظر نزول ملك من السماء يأمرنا بالأصلح لنا وينفّذ أمره في جماعة صغيرة حتى نتّبعه أفرادا وجماعات.. هو دور غير صعب على أيّ حال، لكن الجميع يتهرّب منه!

ما بنا؟ نحتاج لمن يقرصنا قائلا: إفعل كذا! وإلّا فنحن ها هنا متّكلون..

سأعدّد لك ألف مدوّن عربي ينتقد ويكيبيديا العربية، ذات المحتوى الرديء ومقالات الخمس جمل المنقولة. لكنّ أيّهم أضاف مقالة واحدة لويكيبيديا العربية في حياته؟ كلّنا نتّكل على بعضنا البعض؛ ستمطر السماء جنّا وعفاريت يوما ما، وهؤلاء سيملؤون الموسوعة علما وأدبا.. كم نحن أذكياء! أقصد أغبـ...

كلّنا نودّ بلادا حضارية، لكن على العفاريت أن تكنس شوارعنا، تخترع لنا بيل غيتس عربيا، تقتصد في استهلاك الكهرباء، تحمي الأقلّيات، تطبّق الديموقراطية، تزرع الأشجار، تربّي صغارنا (وليس صغارها) على مكارم الأخلاق، تنظّف مساجدنا، تؤلّف كتبنا وربّما تقرؤها نيابة عنّا، تصنع طائرة يلهو بها أميرنا، هو أمير في النهاية..

أمّا نحن فلنظل كما العادة: نثرثر وننتقد، نعيب ونقارن، نستنكر ونرفض. ولننتظر نزول المهدي المنتظر..

إلّا إن قرّرت ألّا تتّكل على أحدهم!








تعليقات فيسبوك:


هناك 18 تعليقًا:

  1. أجمل ما يمكن لشخص أن يقرأ قبل أن ينام :D

    ردحذف
  2. هههههههههههههههه أضحك الله سنك محمد :D
    .
    مؤكد أنك تقصد مسجد السوريين صحيح ؟ إنه المسجد الوحيد الذي حسب ما أعرف يعاني من هذه المشكلة مع المصلين خارجاً والذين يعتمدون على الرصيف لضبط الصف رغم أن الرصيف يحيد بهم عن القبلة بشكل ملحوظ ..
    .
    كلامك صحيح .. عندما يتعلق الأمر بالانتقاد نجد أن الجميع ناقد محترف ومحلل سياسي ومفتٍ في الدين ومصلح اجتماعي .. لكن في الواقع العين بصيرة واليد قصيرة :D
    .
    إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ...

    ردحذف
  3. في الأخير، هل تم تصحيح القبلة؟؟

    ردحذف
  4. سؤال في محله؟
    لكن اعتقد ان الامر لقد تم ! "ضروري ينوض شي حد ويصحح ليهم الخطأ" ولا اضن ان محمد ترك الامر يسير على تلك الطريقة ،اقل شيء ان تخبر الامام بما رأيت ليصحح قبلتهم فهذا ما اراه صوابا !!!
    سلام

    ردحذف
  5. لا حول و لا قوة الا بالله

    ردحذف
  6. للأسف، دائما ما نبحث عن عيوب الآخرين وننسى عيوبنا..

    عزيزي محمد، كما قال الأخ هشام، أخبر الإمام بما رأيت حتى يصحح لهم القبلة، وبذلك تؤجر على هذا العمل..

    كنت هنا..

    ردحذف
  7. السلام عليكم
    أخي / محمد
    ...الإيجابية...
    فعلا معك حق البؤس الذي نعيش فيه مرجعه إلى افتقادنا لهذه الصفة
    أما عن القبلة...فمحراب المسجد يفي بالغرض...
    بارك الله فيك محمد

    ردحذف
  8. ههههه الحمد لله أن إسم مدوننا محمد ^^
    إذا أمطرت السماء جنّا وعفاريت يوما ليملؤا الموسوعة علما وأدبا فكرة جيدة لابأس بها الإتّكال على بعضنا البعض .

    ردحذف
  9. نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا

    ردحذف
  10. لا أرى مستقبلا لوكيبديا العربية مع أمة اعتادت copier/coller. و أنا واحد منهم

    ردحذف
  11. صدقت بشأن أفراد هذه الأمة فجميعهم علماء في كل المجالات لدرجة:

    أن الواحد منهم يقرأ ست دقائق في سنة أي ربع صفحة كل عام.

    أن ما تطبعه الدول العربية من المحيط الى الخليج يقارب المليون كتاب موزعة على ثلاثمائة مليون مواطن عربي أي أن نصيب الواحد منهم أقل من كتاب واحد سنويا مقابل 518 كتابا في أوروبا.

    تعاني هذه الأمة من عقدة عقلية أختصرها في عدم قدرة أفرادها على خلق منفعة فالجميع يغرد و ينتقد و لا يقترح احد حلول بوسعه تطبيقها.

    ردحذف
  12. صدقت أوافقك الرأي

    لذا أنا حينما أريد انتقاد شئ ما فأنا أحاول أن

    أفعل شئ ما تجاهه فإن فشلت فأنا أنتقده بعد ذلك

    شكرًا لك

    ردحذف
  13. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

    ):

    ردحذف
  14. إن هذه الأمة بخير و لله المنة و الفضل. و لعل أكثر ما يحز في النفس أن بعضا من إخواننا عفا الله عنهم ليهيمون بصنيع أهل الكفر هناك متفاخرين بقصص نجاحهم حتى إذا ولوا وجوههم قبلنا اشمأزوا و نفروا، و إني و الله لأرى أمتنا أرقى الأمم و أحرصها على الحق. و إنه لمن المعيب حصر التطور في صنع عجلة أو صفيحة لها تحليق بل التطور كل التطور أن تفخر و تعيش منتصرا لا منهزما صنيعك لعن الظلام دائما. حفظك الله أمة الإسلام.

    ردحذف
  15. أظن أنه لا يكفي تريميم المساجد ولكن لا بد من وضع علامات تدل على القبلة أو خطوطا تنظم صفوف المصلين حتى في الباحات الخارجية
    سلام

    ردحذف
  16. المبادرة
    عملٌ جريء
    وفيه خير للجميع

    ردحذف
  17. فعلا هذا ما نحن عليه ، فقد نتفق في القول لكن يبقى الفعل حبيس مخاوفنا لهذا فللمبادرة ثمنها وهذا في الغالب ما يخاف منه الناس فكفاهم مسؤولياتهم الاخرى حتى يضيفوا الجديد.
    اخي محمد كثرة المشاغيل منعتني من التواجد بالامل .شكرا
    ننتظر تدوينة عن مستجدات المشروع. وفقكم الله

    ردحذف
  18. بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم هدا حالنا لا يخفى عليك
    ان العقلاء والمفكرين والمبدعين يتلاشون يتبخرون واحيانا
    يسجنون انا ارى وللاسف ان هناك شعوب تعودت على العبودية والاستعمار لان الحر يحترم الاحرار يحترم دينه .شعوب لا تعرف كيف تتخلص حتى من القمامة شعوب ادا لم يكن الشرطى واقف لا يحترمو الاشارة الضوية شعوب نخرها الفساد نخرا حتى فى المدارس وفى القضاء وفى كل المعاملات
    كيف لها ان تهزم العدو وهى شعوب مستعمرة من ذاتها .

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)