لست متحمّسا كفاية لقصّة تغيير الدستور التي أخذت حيّزا لا بأس به من النقاش السياسي (=النفاق السياسي) في المغرب. في النهاية الدستور عبارة عن نصوص قانونية، لا توافق الواقع بالضرورة!
وعلى سيرة الواقع فكم من مدوّنات وكم من ظهائر وقرارات لم تنل نصيبها من التطبيق. للأسف فمعظم المواطنين لا يملكون اطلاعا كافيا على ترسانتنا القانونية، وإلّا أصابهم الذهول من كثرة الخروقات التي يرونها في الواقع المعاش.
فبدءا من اعتقال الصحفي رشيد نيني قبل أشهر (رغم أنّ الدستور ينصّ على "حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله")، إلى صناعة الخمر وبيعه للمواطن (رغم أن القانون يمنع بيع الخمر للمسلمين). مثالان بسيطان جدا يعرفهما كلّ طفل مغربي، لكن Who cares! كما يقول الأمريكيون.
(تجنّبت ذكر أمثلة أكثر تفصيلا، فشرح الواضحات من المفضحات)
ما يخفى على البعض أنّ الأمم لا ترقى بدساتير مكتوبة، فأوّل ما ينصّ عليه الدستور السوري هو "إقامة العدل"، في حين أنّ المملكة المتّحدة لا دستور لها! لا يخبرني أحدكم أنّ سوريا أكثر إحقاقا للعدالة من المملكة المتّحدة لأنّ الأولى تنصّ عليه دون الثانية.
كذلك فالدستور الألماني مثلا لا ينصّ على لغة رسمية للدولة؛ لا يحتاج الألماني لمن يذكّره بلغة دولته الرسمية. في حين ينصّ الدستور المغربي في أوّل فصل على أنّ العربية لغة الدولة الرسمية؛ لا يحتاج المغربي لمن يذكّره بهذه الكذبة الرسمية.
وبما أنّ للمغرب تجربة رائدة في استيراد القوانين، من فرنسا غالبا، أو من السويد كما حصل مع مدوّنة السير، فليس من الصعب استيراد دساتير كندا وإسبانيا واليابان وسائر الديموقراطيات المتقدّمة لصنع خلطة على مقاس المغرب ثم الاحتفال بهذا الإنجاز التاريخي، هي مهمّة يجيدها طلّاب الثانوية إن طُلبت منهم، ماذا عن الواقع اليومي؟
لا يهمّ أهي جهوية موسّعة أم فدرالية، ملكية ديموقراطية أم برلمانية، ملكية مقدّسة أم موجبة للإحترام، سنّ الوصاية 16 أم 18 سنة، وزير أوّل أم رئيس حكومة، الأمازيغية لغة رسمية أم وطنية وهلمّ جرّا ممّا شغل الناس. فليفترض كلّ منا دستورا على مقاسه وليطبعه بماء الذهب ثم يضعه فوق الطاولة، أمّا بعد..
نعيش في المغرب أزمة قيم ومبادئ، هذا هو المختصر المفيد. الرغبة الحقيقية للإصلاح تبدأ من هنا فقط، غيرها مناورات سياسية.
أتحدّث عن قيمة العدالة، قيمة الحرّية (حرّية الرأي والتعبير..)، مبدأ حماية المال العام، مبدأ المساواة أمام القانون.. هذا ما ينقصنا في المغرب.
هي ممارسات يومية، لا تحتاج لدستور ينصّ عليها بالضرورة، بقدر ما تستلزم إرادة فعلية للإصلاح من طرف المنادين بالإصلاح، فهل من مصلح؟
-----------
مختصرات للتأمّل:
وعلى سيرة الواقع فكم من مدوّنات وكم من ظهائر وقرارات لم تنل نصيبها من التطبيق. للأسف فمعظم المواطنين لا يملكون اطلاعا كافيا على ترسانتنا القانونية، وإلّا أصابهم الذهول من كثرة الخروقات التي يرونها في الواقع المعاش.
فبدءا من اعتقال الصحفي رشيد نيني قبل أشهر (رغم أنّ الدستور ينصّ على "حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله")، إلى صناعة الخمر وبيعه للمواطن (رغم أن القانون يمنع بيع الخمر للمسلمين). مثالان بسيطان جدا يعرفهما كلّ طفل مغربي، لكن Who cares! كما يقول الأمريكيون.
(تجنّبت ذكر أمثلة أكثر تفصيلا، فشرح الواضحات من المفضحات)
ما يخفى على البعض أنّ الأمم لا ترقى بدساتير مكتوبة، فأوّل ما ينصّ عليه الدستور السوري هو "إقامة العدل"، في حين أنّ المملكة المتّحدة لا دستور لها! لا يخبرني أحدكم أنّ سوريا أكثر إحقاقا للعدالة من المملكة المتّحدة لأنّ الأولى تنصّ عليه دون الثانية.
كذلك فالدستور الألماني مثلا لا ينصّ على لغة رسمية للدولة؛ لا يحتاج الألماني لمن يذكّره بلغة دولته الرسمية. في حين ينصّ الدستور المغربي في أوّل فصل على أنّ العربية لغة الدولة الرسمية؛ لا يحتاج المغربي لمن يذكّره بهذه الكذبة الرسمية.
وبما أنّ للمغرب تجربة رائدة في استيراد القوانين، من فرنسا غالبا، أو من السويد كما حصل مع مدوّنة السير، فليس من الصعب استيراد دساتير كندا وإسبانيا واليابان وسائر الديموقراطيات المتقدّمة لصنع خلطة على مقاس المغرب ثم الاحتفال بهذا الإنجاز التاريخي، هي مهمّة يجيدها طلّاب الثانوية إن طُلبت منهم، ماذا عن الواقع اليومي؟
لا يهمّ أهي جهوية موسّعة أم فدرالية، ملكية ديموقراطية أم برلمانية، ملكية مقدّسة أم موجبة للإحترام، سنّ الوصاية 16 أم 18 سنة، وزير أوّل أم رئيس حكومة، الأمازيغية لغة رسمية أم وطنية وهلمّ جرّا ممّا شغل الناس. فليفترض كلّ منا دستورا على مقاسه وليطبعه بماء الذهب ثم يضعه فوق الطاولة، أمّا بعد..
نعيش في المغرب أزمة قيم ومبادئ، هذا هو المختصر المفيد. الرغبة الحقيقية للإصلاح تبدأ من هنا فقط، غيرها مناورات سياسية.
أتحدّث عن قيمة العدالة، قيمة الحرّية (حرّية الرأي والتعبير..)، مبدأ حماية المال العام، مبدأ المساواة أمام القانون.. هذا ما ينقصنا في المغرب.
- أن تؤدّي غرامة توقّف سيارتك في المكان الخطأ عن رضى، لأنّك تدري عن الوزير الذي سيؤدّي نفس الغرامة إن أخطأ خطأك.
- أن تصدح برأيك في القضايا الوطنية عن اطمئنان، لأنّك تدري عن القاضي الذي سيحميك من جور الظالم.
- أن تنجح كملتحي في مباراة توظيف المجنّدين عن استحقاق، لأنّك تدري عن الدولة ضامنة الحرّيات العامة.
- أن تصرّح بضرائب مداخيلك السنوية عن اقتناع، لأنّك تدري طرق صرف المال العام وتشهد بنزاهة المتصرّفين فيه.
- أن تشهد محاكمة الفساد، فالقانون صار فوق الجميع بعدما كان فوق الطبقة الفقيرة والمتوسّطة والمغضوب عليهم!
هي ممارسات يومية، لا تحتاج لدستور ينصّ عليها بالضرورة، بقدر ما تستلزم إرادة فعلية للإصلاح من طرف المنادين بالإصلاح، فهل من مصلح؟
-----------
مختصرات للتأمّل:
- "نعلن معارضتنا التامة (..) للرشوة، للإبتزاز"، مقتطف من مقدّمة دستور التشاد؛ أكثر الدول فسادا في العالم حسب تقرير منظّمة الشفافية الدولية.
- "توجب مبادئ الجمهورية تعزيز اقتصاد متوازن وكذا تنمية اجتماعية وإقليمية للبلاد"، مقتطف من المبادئ الأساسية لدستور الموزمبيق؛ أفقر دول العالم حسب برنامج الأمم المتحدة للتنمية.
- "الرئيس (..)، الزعيم، مؤسّس الجمهورية الشعبية الديموقراطية الاشتراكية"، مقتطف من مقدّمة دستور كوريا الشمالية، الدولة الوحيدة في العالم ذات النظام الستاليني في الحكم، يعتبر رئيسها ديكتاتورا في العلاقات الدولية.
لا فض فوك أخي محمد
ردحذفكنت هنا
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفالمغرب عودنا على الاشياء الجديدة
ردحذفان كان الدستور لا يطبق بحذافيرة فلا يهم ان غير او استبدل بخلطة الدساتير العالمية في النهاية ستستمر الخروقات السابقة
شخصيا ارى انها مضيعة للوقت
لم تترك لنا شيء نقوله
ردحذفلكنك بصراحة قمت بتلخيص كل شيء :)
النفخ فالميت حرام !
ردحذفهذه هي الدساتير ستبقى عوجاء مهما عدلت
أصبت كبد الحقيقة، وأوافقك الرأي جملة وتفصيلا، وليس هناك ما أضيفه على ما قلته!
ردحذفنعيش في المغرب أزمة قيم ومبادئ،
ردحذفخير الكلام ما قل ودل
الله ينورك !!!
ردحذفلآ أحب التشآؤمَ حقيقةً ولآ الإمعآنَ في التفآؤل؛ لكنني أحسبُ أن "الانتفآضةَ" الشبآبيةَ بالمغربِ دآفعةٌ على التفآؤل ..
ردحذفنحتآجُ إلى الدستورِ كخطوةٍ أولى لبنآءِ مغربٍ جديدٍ يتوفّرُ فيه مآ ذكرتَ غيآبَه وزعمتَ أننآ لسنآ في حآجةٍ إلى دستورٍ حتىّ نوجدَه -وأخآلفكَ في هذآ ..
وأحسبُ أن الفعآليآتِ الشبآبيةَ والحزبيةَ والحكومةَ الجديدةَ ستقومُ بدورِهآ على أكملِ وجهٍ -بإذنِ الله؛ خآصّةً بعدَ استحدآثِ مجلسٍ للشبآبِ له قوّةٌ اقترآحيةٌ..
فلنبدأ بأنفسِنآ أوّلآ؛ وقد ذكرَ جلآلةُ الملك نصره الله وحفظه أنّ الدستورَ مهمآ كآنَ كآملاً فينبغي أن يقومَ الجميعُ على تفعيلِه وإلآ فإنه -كمآ ذكرَ المقآل- صورةٌ وحبرٌ على ورق ..
سلآمي :)
قلت ما يجب قوله :)
ردحذفخمس شهور مرت على الحملات المطالبة بالتغيير، وما الذي حصل
المغرب هو المغرب
صدقت فأزمتنا أزمة قيم ومبادئ
ردحذفصدقت
ردحذفعلى كل الشعوب من تصنع دستورها و الذي ليس غلا انعكاسا عفويا لما وصلت إليه، في المغرب العكس هههه الدستور هو من يعلق عليه صناعة امة لم يبقى منها إلا الفتات
كنت هنا
سلام
أجل صدقت المشكلة في المغرب هي مشكلة قيم ومبادئ بدونهما لن تتحسن أبدا وضعية المغرب في جميع النواحي.
ردحذفأدعوك أخي محمد لزيارة مدونتي
http://neverssurender.blogspot.com/
أجل صدقت
ردحذفbonjour Mr Mohamed heureux de lire tes écrit sur ton blog que je trouve super bonne continuation
ردحذفje vous invite à visiter également mon blog
http://ayoubmabroouk.blogspot.com