سيصدم كل متابع لما يجري في سوريا من هول ما يحدث هناك، رجال مهمّتهم حماية الوطن يرهبون أبناء الوطن، صغارا كانوا أم كبارا، كيف يعقل هذا؟ نفس الشيء بالنسبة لمن قاتل ولا يزال إلى جانب القذافي، علي عبد الله صالح وآخرون..
صحيح أنّ بعضهم لا قلب له، مرتزقة، مستعد لتنفيذ أي شيء مقابل الدولار. لكن، أعتقد أنّ الكثيرين مقتنعون تمام الإقتناع ب"دورهم الحالي"، بل ويظنون أنفسهم مأجورين، إلى الجنة ذاهبون، كيف ذلك؟
تصوّر كتيبة جنود في مستوى عموم الكتائب العربية، أي مستوى تعليم ضعيف إلى متوسّط، معظم الجنود لم يدخلوا الجامعة يوما، تدريب عسكري حاط بالكرامة في حالات كثيرة، حياة عسكرية "ساذجة" إن صحّ التعبير.
الآن، إجمع هذه الكتيبة في ساحة وألق عليهم خطبة: "اكتشفنا اليوم مجموعة من عملاء إسرائيل يريدون الإنقلاب على الشرعية والنظام، يطالبون بتغيير الدستور، أمضوا حياتهم في أمريكا وهم قادمون الآن ليعيثوا فسادا في بلادنا، يريدون تدمير الإسلام.." وللمزيد من اللعب على المشاعر إعرض على الجنود شريط فيديو يسخر فيه "العملاء" من الشيخ الفلاني مثلا، يقيمون مؤتمرا في عاصمة دولة أجنبية مستمتعين برغد العيش هناك، يطالبون بالديموقراطية على الطريقة الأمريكية وتفاصيل أخرى. ما الذي سننتظره من هاته الكتيبة حينما نطلقها على "العملاء"؟ المواطنين بتعبير آخر..
شاهدت فيديو في النت لعساكر يعذبون مواطنين بطريقة وحشية، يصرخ الجندي بما معناه: "تريدون إسرائيل؟ تريدون إسرائيل يا خونة؟"، مما لا شكّ فيه أنّ الجندي ذاك فخور بعمله، المواطن ذاك أقل من الإنسان ولا يستحق العيش أصلا في نظره، كيف لا فهل يعقل أن يتحالف أحدهم مع العدو؟ هل يستحق الحياة من يطالب بعلمانية الدولة (أي غلق المساجد ونشر العري، بالنسبة للجندي الذي لم يكمل تعليمه الثانوي، غالبا)؟ عملية غسل دماغ رهيبة، يستحقّون الشفقة هم أيضا..
تتكرّر الحكاية في ليبيا مثلا: يا أيها الجندي قم ودافع عن بلدك، هل تريد أبو غريب في طرابلس؟ إذن قاتل أمريكا، إنّهم يريدون بترولنا كما فعلوا ببترول العراق! أنظروا ماذا فعلوا بمصر، وقبلها أفغانستان والصومال.. الفرنسيون قتلوا مليون جزائري قبل 50 سنة، سيقتلونكم وسيغتصبون نساءكم، إلى الجهاد!
مع التعتيم الإعلامي وسيطرة الخطاب أحادي التوجه فلن يرحب الجندي ذاك بما يسميه الآخرون: "ثوار"، هم مجرّد "مرتزقة مدعومون من الصهاينة والأمريكان والفرنسيين".. يستحقون القتل بكل تأكيد، نحن شهداء وهم إلى النار..
ماذا عن المغرب؟
حالنا استثناء: عرف المغرب مظاهرات في البداية لكن نجح النظام في السيطرة على الوضع، باختصار.
مع ذلك، أحيانا أفكّر: ماذا لو ساءت الأوضاع فعلا في المغرب، لا قدّر الله؟
لدينا جيش ذو تعداد كبير، إن تحدّثنا عن المشاة وما يسمّى "المخازنية" فلا مستوى معرفي لديهم، أظنّ أنّ معظمهم لم يصل لمستوى الباكالوريا حتى. هل سبق أن رأيت مخزنيا أو عسكريا يقرأ جريدة؟ مجلة؟ كتابا؟
أمّا الدرك الملكي فمعظمهم يحمل الباكالوريا في يده وحسب، كذلك حال الشرطة بجميع مكوّناتها. نفس السؤال يتكرّر: منذ متى كانت آخر مرّة رأيت فيها رجل شرطة أو دركيا يقرأ جريدة، مجلة أو كتابا؟ تصوّر استبيانا يتمّ توزيعه عليهم مع اختيارات مثل:
صحيح أنّ بعضهم لا قلب له، مرتزقة، مستعد لتنفيذ أي شيء مقابل الدولار. لكن، أعتقد أنّ الكثيرين مقتنعون تمام الإقتناع ب"دورهم الحالي"، بل ويظنون أنفسهم مأجورين، إلى الجنة ذاهبون، كيف ذلك؟
تصوّر كتيبة جنود في مستوى عموم الكتائب العربية، أي مستوى تعليم ضعيف إلى متوسّط، معظم الجنود لم يدخلوا الجامعة يوما، تدريب عسكري حاط بالكرامة في حالات كثيرة، حياة عسكرية "ساذجة" إن صحّ التعبير.
الآن، إجمع هذه الكتيبة في ساحة وألق عليهم خطبة: "اكتشفنا اليوم مجموعة من عملاء إسرائيل يريدون الإنقلاب على الشرعية والنظام، يطالبون بتغيير الدستور، أمضوا حياتهم في أمريكا وهم قادمون الآن ليعيثوا فسادا في بلادنا، يريدون تدمير الإسلام.." وللمزيد من اللعب على المشاعر إعرض على الجنود شريط فيديو يسخر فيه "العملاء" من الشيخ الفلاني مثلا، يقيمون مؤتمرا في عاصمة دولة أجنبية مستمتعين برغد العيش هناك، يطالبون بالديموقراطية على الطريقة الأمريكية وتفاصيل أخرى. ما الذي سننتظره من هاته الكتيبة حينما نطلقها على "العملاء"؟ المواطنين بتعبير آخر..
شاهدت فيديو في النت لعساكر يعذبون مواطنين بطريقة وحشية، يصرخ الجندي بما معناه: "تريدون إسرائيل؟ تريدون إسرائيل يا خونة؟"، مما لا شكّ فيه أنّ الجندي ذاك فخور بعمله، المواطن ذاك أقل من الإنسان ولا يستحق العيش أصلا في نظره، كيف لا فهل يعقل أن يتحالف أحدهم مع العدو؟ هل يستحق الحياة من يطالب بعلمانية الدولة (أي غلق المساجد ونشر العري، بالنسبة للجندي الذي لم يكمل تعليمه الثانوي، غالبا)؟ عملية غسل دماغ رهيبة، يستحقّون الشفقة هم أيضا..
تتكرّر الحكاية في ليبيا مثلا: يا أيها الجندي قم ودافع عن بلدك، هل تريد أبو غريب في طرابلس؟ إذن قاتل أمريكا، إنّهم يريدون بترولنا كما فعلوا ببترول العراق! أنظروا ماذا فعلوا بمصر، وقبلها أفغانستان والصومال.. الفرنسيون قتلوا مليون جزائري قبل 50 سنة، سيقتلونكم وسيغتصبون نساءكم، إلى الجهاد!
مع التعتيم الإعلامي وسيطرة الخطاب أحادي التوجه فلن يرحب الجندي ذاك بما يسميه الآخرون: "ثوار"، هم مجرّد "مرتزقة مدعومون من الصهاينة والأمريكان والفرنسيين".. يستحقون القتل بكل تأكيد، نحن شهداء وهم إلى النار..
ماذا عن المغرب؟
حالنا استثناء: عرف المغرب مظاهرات في البداية لكن نجح النظام في السيطرة على الوضع، باختصار.
مع ذلك، أحيانا أفكّر: ماذا لو ساءت الأوضاع فعلا في المغرب، لا قدّر الله؟
لدينا جيش ذو تعداد كبير، إن تحدّثنا عن المشاة وما يسمّى "المخازنية" فلا مستوى معرفي لديهم، أظنّ أنّ معظمهم لم يصل لمستوى الباكالوريا حتى. هل سبق أن رأيت مخزنيا أو عسكريا يقرأ جريدة؟ مجلة؟ كتابا؟
أمّا الدرك الملكي فمعظمهم يحمل الباكالوريا في يده وحسب، كذلك حال الشرطة بجميع مكوّناتها. نفس السؤال يتكرّر: منذ متى كانت آخر مرّة رأيت فيها رجل شرطة أو دركيا يقرأ جريدة، مجلة أو كتابا؟ تصوّر استبيانا يتمّ توزيعه عليهم مع اختيارات مثل:
- كم عدد الكتب التي تحتفظ بها في بيتك؟
- ما معنى محرّك بحث؟
- عرّف الديموقراطية في سطر.
- هل أنت مع أم ضد الحرب على العراق؟
- ما هي صلاحيات الوزير الأول المغربي؟
أترك لك افتراض الأجوبة التي ستتلقّاها، قد تكون صدمتك قوية بالمناسبة!
من السهل جدا تعريض هذه الفئة لغسيل دماغ، يكفي أن تلقي فيهم خطبة تحمل هاته التفاصيل:
- هؤلاء المتظاهرون مدعومون من البوليزاريو والجزائر، يريدون الإنتقام منكم، يريدون تقسيم المغرب!
- هدفهم زعزعة عقيدة أبنائكم، إنهم يطالبون بإلغاء الدين، لقد خرجوا السنة الماضية في إفطار علني صباح رمضان، عليكم أن تدافعوا عن الإسلام..
- إنهم ليسوا رجالا، فلان الفلاني شاذ جنسيا وهو أحد مؤسسي حركة 20 فبراير، أنظروا إلى هذا الشريط: يجاهر بشرب الخمر (سيتم عرض تسجيل بيوتوب يظهر أحدهم بشعر منكوش وهو يشرب خمرا).
- أبناء مدلعون ومراهقون طائشون، أنتم تمضون حياتكم في الدفاع عن الوطن ورفع الراية الحمراء وسيأتي أبناء المرفحين هؤلاء للعب بالوطن، أو تلك الطبقة الفقيرة التي تم التغرير بها مقابل مبالغ مالية، عليكم أن تعيدوا الأمور لنصابها.
- وتفاصيل أخرى لعبا على وتر المشاعر والحساسيات المحلية، شوية مقدّسات مع الخصوصيات المغربية وسنحصل على رجل مسلّح مهمّته حماية أمن الوطن من جماعة مخرّبين عملاء شواذ، رجل مستعد لضرب كل من يعترض طريقه، وإن تلقّى الأوامر باستعمال السلاح فقد لن يتردّد، مثلما حصل في دول أخرى.
من جهة أخرى، تتحدّث الإحصائيات الرسمية عن نسبة 32% من الأمية، إنهم يحتفلون بهذا الإنجاز! ذلك أنّ نسبة الأمية (مع اختلاف تعريف الأمية لدى المسؤولين عن تعريف الأمية المعتمد دوليا) كانت 40% قبل سنين قليلة في حساباتهم.
غير أنّ إحصائيات البنك الدولي، وهو مؤسّسة ذات معايير صارمة، تتحدّث عن 44% نسبة الأمية في المغرب سنة 2009! مقارنة ب16% فقط في نفس السنة بالنسبة لسوريا، ونسبة مقاربة لتونس!
44% من المغاربة أمّيون، تصوّر!
هذا دون الحديث عن الهدر المدرسي، وحاليا الهدر الجامعي..
أما المصيبة فهي أنّ الكثير من المتعلّمين بدون رصيد يوازي المستويات التعليمية التي وصلوها، أتحدّث عمّن هو مهندس دكتور أستاذ.
- أدرس في كلية علوم وتقنيات، 22 تخصّص، أي أول كلية في المغرب من حيث عدد التخصّصات. هممم، طيلة 5 سنوات لم أسمع عن مقال علمي واحد نشره أحد أساتذة الكلية، طبعا لا داع للحديث عن كتاب ألّفه أحدهم، هذه نكتة.
- متى آخر مرّة سمعت فيها عن كائنات حيّة إسمها "مخترع مغربي"؟
- منذ عرفت طنجة ومدن الشمال، لم أصادف يوما تنظيم معرض للكتاب من طرف الوزارة الوصية!
- هل سبق أن رأيت مكتبة صغيرة (ولو من رفّ واحد، غير المجلات والجرائد منتهية الصلاحية) في المحكمة، إدارة عمومية، ثكنة عسكرية، صالون حلاقة، قاعة انتظار، بهو المطار...؟
- إذا حذفنا الأنشطة المنظمة من طرف البعثات الفرنسية، الإسبانية، الإيطالية والأمريكية في طنجة، وإذا تجاوزنا مفهوم المسؤولين للثقافة (الثقافة = حفل موسيقي، رقص، مهرجان غنائي...)، هلّا أخبرني أحدكم عن حدث ثقافي ما في جهة طنجة تطوان؟
- كم عدد الباحثين العلميين الذين تعرفهم؟
- وهلمّ جرا (رشيد، هذه لك :P)
نحن شعب أمّي بامتياز، لا داع لأن نخفي هذا. الأمية تعني سهولة غسل العقول، ومن مصلحة أي نظام مستبدّ أينما كان في الكرة الأرضية استمرار الأمية، لتسهيل السيطرة على القطيع، ومتى ما حاول القطيع الانتفاض سهلت مهمّة غسل دماغه. هذا ملخّص الحكاية.
نحن شعب أمي ونعترف بذلك..
ردحذفلكن الى متى سنظل نقول بأننا شعب أمي؟
نريد حلولا حلولا حلولآآآآآآآآآآآآآ يا محمد
ملحوظة: لا أستطيع أبدا تصور الأمور إذا ساءت في المغرب، لأن أبناء أجمل بلاد الدنيا هم أغرب شعوب الدنيا
سلآآامووووووووووووووو
المغرب من أغرب بلدان العالم و المخزن المغربي من أخبث الأنظمة القمعية الفاسدة على مر التاريخ
ردحذفأما موضوع الأمية فلا تعليق عليه فهو مرتبط بوزارة التربية و التعليم و وزارة الثقافة و كلاهما ليسوا بمستوى الحدث الحكومة هي من تصلح التعليم و تشجع على اصدار الكتب و نشر ثقافة القراءة
حينما نتحدث عن الثقافة في الشمال فإننا نتحدث عن ثقافة الإلهاء
ردحذفيعني مهرجان طرب و طنجاز و هما يدخلان ضمن عملية تكليخ الشعب للحصول على أمية مركبة
سلامي
نظرية ' كلخ تسد ' .. ها إختراع جديد أ خويا محمد مالك على هذا الإجحاف هههه !
ردحذفأقسم لو أن ميكيافيلي عاصر هؤلاء الحكام لتتلمذ بين أيديهم من شدة إستبدادهم .
المخازنية يا أخي .. سوادهم العضيم لا يفرق بين زرواطته و الألف ( انا لا أنقص من قدرهم لكن هذا واقع )
المضحكات المبكيات .. أبلغ ما يمكن أن يوصف به ما نعيشه في هذا الوطن العزيز !