12 أغسطس 2008

سبتة السليبة

إنها سبتة،
أرض إفريقية تحكمها دولة أوربية،
لطالما سببت أزمة بين المغرب كدولة تطالب بسبتة، و بين اسبانيا كدولة تعتبر سبتة جزءا لا يتجزء منها.

مساحتها أقل من 30 كلمتر مربع، مع ذلك يأبى تاريخها التقوقع داخلها، إذ عم صيتها العالم قديما،
لطالما كانت هدفا صعب المنال للجيوش الغازية،
دخلها المسلمون بشق الأنفس، سلبتها الأنظمة الإيبرية عشرات المرات فكانت مملكة فاس اخر سلطة مغربية تضع يدها على سبتة إلى يومنا هذا، استعمرتها البرتغال أيام كانت قوة لها شأن على يد الملك جون الأول، و أخذتها منها إسبانيا، حتى انگلترا حاولت السيطرة عليها فما نجحت.

سبتة، كم حاول سلاطين المغرب استعادتها وفشلوا، كم تهفو إليها قلوب المغاربة، لكن يبقى القول شيء و الواقع شيء اخر..

البارحة، كنت على مرمى حجر من "الحدود الوهمية" كما يسميها النظام المغربي، تترائى أمامي بنايات مدينة متصلة بالمغرب، لا يعقل أن تكون أرضا أوربية !
بعد تجاوز هذا النفير من الشرطة و الجمارك سأكون في أرض يرفرف فيها علم إسبانيا ؟
إحساس غريب،،
لا يعقل أن يمنعي شريط حديدي من الدخول لأرض مغربية حسب تصور المغاربة،
سألتقط صورا للمدينة :

كل ما يظهر في هذه الصورة تابع لسبتة، و بالتالي "فهي أرض اسبانية"، و بعبارة أخرى"لا نصيب للمغاربة منها".

هذه المدينة عن قرب، على بعد نحو 5 أمتار من البوابة الحدودية،
أدرت الزاوية قليلا لتصوير "البوابة الحدودية الوهمية" كما يصفها الإعلام الرسمي،،
أحدهم وضع يده خلفي، فإذا بي أدور و أجد الشرطة معي،،
"التصوير ممنوع"، و أضاف : "لا تصور هذه الجهة أبدا، و إلا" !
"إلا" كان لديها أكثر من معنى، لا يجب أن ألتقط صورة للشريان الرئيسي لاقتصاد الشمال، لا يجب أن ألتقط صورة لعلامة الذل المغربي أمام جبروت الجيران الأوربيين، لا يجب أن ألتقط صورة لدولة أخرى فأنا الان على الحدود، لا يجب أن ألتقط صورة لمركز التهريب الدولي الذي تهرب منه سلع اسبانية أكثر مما تصدر اسبانيا لدولة بحجم الصين، لا يجب أن ألتقط صورة لمدخل كان سابقا ضمن التراب المغربي، كان فعل ماض ناقص..
ربما كان يقصد : لا يجب أن ألتقط صورة "و إلا فكاميرتك ستصبح في خبر كان"،
تفكيره محصور في تطبيق الأوامر حرفيا، لا غير.

كثيرون يعارضون عودة سبتة للمغرب، نفسهم لا يختلفون حول أحقية المغرب لهذه الأرض، انفصام شخصية كبير يصعب شرحه في اسطر بسبب تداخل الاقتصاد مع الثقافة مع الحياة الاجتماعية مع قوة الأطراف و الإعلام، خلاصة الأمر : سبتة استثناء يصعب فهمه.

غادرت المنطقة نحو مدينة مجاورة، بل ملتصقة : مدينة الفنيدق، مركز السلع المهربة، سأتحدث عنها قريبا.

و تبقى سبتة السليبة، رمز الضعف الإسلامي، العربي، المغربي. وميض يذكر بانتكاسة الأندلس، واقع يؤكد سيطرة الدول المتقدمة على المناطق الاستراتيجية في العالم.
و تبقى سبتة "جزء لا يتجزء من اسبانيا"، "جزء لا يتجزء من تاريخ المغرب".








تعليقات فيسبوك:


هناك 4 تعليقات:

  1. أخى الفاضل
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أشكرلك هذا الطرح القيم
    فالكثيرون منا للأسف لايعلمون شيئاً عن هذه المدينة وفضيتها وتاريخها ولاموقع وجودها وهى أرض إسلامية اغتصبت منا ولابد من التذكرة حتى تظل القضية حية فى وعى الأمة
    وكم من أراض لنا اغتصبت منا ونحن لانعلم عنها شيئاً بعد أن مسحت من ذاكرة التاريخ بسبب اهمالنا وكيد أعدائنا

    بارك الله فيك وأعزك
    أخوك
    محمد

    ردحذف
  2. السلام عليكم،
    موضوع مؤثر جدا.
    استغرب جدا على الصمت الدولي ازاء هذا الإحتلال الاسباني؟
    الجواب واضح جدا.
    مبروك أخي محمد مدونتك الجديدة و التي أتابع باستمرار نظرا لتميزها و تميز صاحبها.

    ردحذف
  3. كل مدننا سليبة !!
    شكراً لك على الجولة .. :)

    ردحذف
  4. أخي محمد الجرايحي،
    إنها بالعشرات ! الأراضي الاسلامية المغتصبة، ليتها كانت واحدة أو اثنتين، أو بالاحرى، ليت المسلمون يعرفونها، فما أدراك الدفاع عنها.
    أخي خالد،
    مرحبا بك في مدونتي، هل تنتظر أن يدافع العالم عن المغرب إزاء دولة في الاتحاد الأوربي ؟ غير ممكن :)
    أخي الأهلاوي،
    تعددت الطرق و السلب واحد !

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)