24 نوفمبر 2008

اللغات، عصب الحياة

كم لغة تجيد؟ لغتان، ثلاثة أم أربعة؟

في عصرنا الحالي، أن تتقن لغتين و خبرة تقنية متوسطة أفضل من أن تتحدث لغة واحدة و تجيد ست مهن، أصبحت اللغات شيءا أساسيا أكثر من أي وقت مضى، خصوصا في الوطن العربي الذي يحب مواطنوه كل لغات العالم،، إلا لغة وطنهم!

منذ سنوات التعليم الأولى تبدأ حصص اللغة الفرنسية، أما في أيامنا فتعليم الفرنسية يتم بالتوازي مع العربية في المدارس الخاصة، و هناك من لا يدرس العربية أصلا! بالنسبة لجامعاتنا الموقرة فكل شيء بالفرنسية باستثناء اسم الجامعة، فهو الوحيد المكتوب بالعربية، و البقية ABCDEF...

في الإدارات و التعاملات الرسمية، التعجب محيط بكل ذي حرف عربي في كلامه، أما لو ملأت مطبوعا إداريا بالعربية فلن يقبل بالتأكيد، مرة قدمت أختي من دولة أوربية و في الميناء قامت بتعبئة ملف بيانات بالعربية، كانت النتيجة أن الملف مرفوض! و يقال إن الدستور ينص على أن "المغرب دولة عربية"، مبروك :)

هناك بعض الإستثناءات، حينما يتعلق الأمر بما يمس المواطن (غير المتعلم) كالمصالح الداخلية و الأحزاب، أو مصادر مداخيل الأموال كالإعلانات و الضرائب، أما غير ذلك فالسلام على الحرف العربي..

لا أقصد بهذا عدم تعلم اللغات الأجنبية، بالعكس، أشجع على تعلم لغة و لغتين و ثلاث، أنا شخصيا أدرس بالفرنسية و مستواي لا بأس به، و سأقوم مطلع الشهر القادم بأخذ دروس في اللغة الإنگليزية التي درستها سابقا، كما أخذت سابقا دروسا في اللغة الإسبانية يحتمل أن أعود إليها و شجعني عودة أختي لتدريس هذه اللغة الخفيفة بعد إجازة طويلة جدا و كذلك تواجد الكثيرين ممن يجيدها في محيطي.

لكن ما يزعجني قيام الكثيرين بالحديث بالفرنسية أو الإنگليزية في أمور لا تستدعي ذلك بتاتا، تجد الشاب يدخل لوكالة طيران و سياحة فيبدأ الحديث بالفرنسية و المخاطب مغربي من بني جلدته! يعني إذا تحدثوا دارجة مغربية لن يفهموا بعضهم البعض؟ أم هو تباهي، إظهار النفس و الانتقاص من الدارجة المغربية؟ الطريف في الأمر أن الحديث يكون ملغوما بأخطاء فادحة، قالوا "تطور"، تطور للوراء طبعا :)

لطالما أجبرت من يتحدث معي ب"نص-نص" (أي نصف عربية و نصف فرنسية) بالحديث معي بالفرنسية لوحدها أو العربية لوحدها، أما ذاك الخليط غير المتجانس فلا محل له في رأسي، نعم أنا أيضا أستخدم كلمات فرنسية لكن بحدود، تبقى كلمات دارجة للغاية و مقابلاتها العربية غير مستساغة (الأسهل أن تقول "تاكسي" عوض "سيارة أجرة"، "بوليبار" عوض "الشارع الرئيسي"، "بيسي" عوض "جهاز حاسوب"...)، لكن أن تقول لي "ميرسي" عوض "شكرا" فهذا لا يخترق جمجمتي ليصل لعقلي، بل يصطدم بها و يرتد لصاحبه :)

بمناسبة الحديث عن اللغات، أدرس بالفرنسية و في البيت الجميع يتحدث بغير العربية، في الشارع بالدارجة الشمالية، الانترنت هو المكان الوحيد الذي أتحدث فيه بالعربية، لغة أهل الجنة، جعلني الله و إياكم من أهلها.






تعليقات فيسبوك:


هناك 6 تعليقات:

  1. بارك الله فيك، هذه الظاهرة بدأت تتفشى عندنا ولكن في الطبقة الغنية حيث تجد الفتاة تتحدث على الهاتف باللغة الأجنبية وبلكنة أمريكية!!!! الآن أصبح من يتكلم بعض المصطلحات بالإنجليزية شخص مثقف وفهمان!!! يا أمة ضحكت من جهلها الأمم

    ردحذف
  2. آمين جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة.

    ... نحن بهذا نضيع اللغة الجميلة لم نعرف قدرها كما لم نعرف قدر القرآن الذي أنزل بلسان عربي مبين أخاف من يوم يقرأ فيه العربي معاني القرآن بلغة غير لغة العربية...

    ردحذف
  3. شتي أخاي محمد الـ problème فين كاين حنا jamais نهدروا بالـmais francais غير شي مرات وصافي.


    هاهاهاهاهاها لغة مضحكة فعلا أنا اسميها العرنسية. و الغريب انه من يراني من أصدقائي اكتب بالعربية او استخدمها ينظر الي كأني كان من زمن أخر.

    ردحذف
  4. جعلنا الله و إياك من ساكنيها :)

    سيدي العزيز، اللغة و بالأخص الإنكليزية باتت عصب الحياة اليومية. و قد باتت الشركات في كل مكان تركز على اللغة أكثر من الشهادة الجامعية.

    و لكن الناس أصابهم إنفصام في الثقافة! يجب أن نميّز بين هذا و بين الإعتزاز بعربيّتنا، مصدر ثقافتنا.

    ردحذف
  5. لغتك العربية أخي محمد سليمة والحمدلله. وأما عن إستثنائاتك، فلاتنسى الدعاة والشيوخ. ولو إننا متمسكين بلغتنا الحبيبة الفقيرة، لكان الويكي بيديا غنياً بالعلم وبالمعرفة.

    ردحذف
  6. مدونتك جميله وان شاء الله ساكون من متابعيها ,
    واللغات من الأشياء الهامه والتي ساعمل ان شاء الله لاتقان 3 منها وباذن الله ستكون الاسبانيه منهم ( فهي تحتوي علي 6الآف كلمه عربيه ) , وبالنسبه للغه الفرنسيه فانها بالفعل مشكله في المغرب وقد تناقشت مع صديق لي سابقاً علي هذه النقطه .
    تمسك بلغتك العربيه عزيزي , فهي دليل عروبتنا .

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)