كانوا ثلاثة، تجاوزوا الأربعين، و ابراهيم أكبرهم: 70 سنة..
أحد المحلات التجارية الذي يتسوقون منه سبب لتعرفهم، و فيه يلتقون كثيرا،
و كحال كل المتجاورين، كونوا سابق معرفة و كلام بين بعضهم البعض،
لطالما امتد بهم النقاش و تشبث كل برأيه، يصعب إقناع الكبار بتغيير رأيهم بسهولة،
مع ذلك ظلت نفس الطريق تجمعهم، و ظلوا يتسامرون في ما بينهم،،
جرتهم أحداث العصر للحديث عن الأزمة العقارية و ما يحدث في العالم، كون إبراهيم كثير الترحال في الدول الأوربية فقد قدم رأيه في الموضوع، لقد عاش في أوربا أزيد من خمسين سنة، و لديه خبرة لا يستهان بها..
لم يرق لأحدهم كلامه، و الأصح لم يتقبل رأيه، "أسكت، أنت لا تفهم شيءا"، قالها أحدهم، تعجب إبراهيم من هذا فرد: "و هل قلت إنني أفهم شيءا، هل تراني خبيرا بالبورصة؟ لقد قلت رأيي فقط!"، تغاضى الجميع عن القول و استمر الحديث..
اختلفوا مرة أخرى، و ما أكثر اختلافهم، لكن لا يعدو خلافا بسيطا يعودون بعده لسابق عادتهم، هكذا هم.
ذكر إبراهيم أنه لامس أثر الأزمة الدولية في أوربا، فقد جاء من هناك قبل أسبوع، أشار لكثرة الشركات المتوسطة التي تغلق أبوابها بسبب مشاكل مالية، و تأثير الأزمة الدولية الذي شمل أبناء المهاجرين. اعترض الأول مرة أخرى و عرج على ذكر ابنه المقيم بأوربا و المعلومات التي يسردها: كل شيء بخير، إنه ينوي زيارة المغرب قريبا جدا و سيحضر سيارة و نقودا، و قبل ذلك أبناؤه الذي ولدوا في ديار المهجر..
أجاب إبراهيم: "قد يكون عاملا بقطاع لم يتأثر بالأزمة، خير له لو يأتي صيفا، سيجد متسعا من الوقت له و لأولاده"، فرد الآخر منفعلا: "تريد أن تبعدني عن ابني، خيرك هذا اتركه عندك!"، تفاجئ إبراهيم من انفعاله فوضح: "هو حر، أنا أسافر كل شهر لأوربا و أعرف ما أقول، اسمعني فالخير معي"، هنا قال الآخر: "لو كان فيك خير لما كنت عقيما!".
ذلك أنه سأل فعلم أن إبراهيم لا أولاد له و لا عائلة كبيرة، ذلك قدر الله و ما باليد حيلة، كما أن شيخوخته الحالية تجبره على الرضى بالواقع. إلا أنه كان ذو ميسرة.
كان لتلك الجملة القصيرة الأثر الصادم في نفسية إبراهيم، فلم يسبق أبدا أن عيره أحد بغياب البنين، لطالما احترمه الجميع و لطالما كان جديرا بالاحترام..
ظل ساكتا لبرهة، كانت تلك أول مرة تسقط من عينيه دمعة منذ سنين طويلة، لم يتمنى يوما أن يقع في مثل هذا الموقف، و الأيام أوهمته ألن يحصل ما حصل، لكنه حصل!
تصرفات الآخر تشير إلى أنه غير مبالي، كأنه لم يقل شيءا، فلن يشعر بمدى قسوة كلامه إلا فاقد البنين، إلا من طوى الليل وحيدا لسنين، إلا من ظل و زوجه ينتظر الأيام أملا في رضيع.
ركب سيارته و اتجه نحو بيته، غير مبالي بنداء هذا أو ذاك، لم يعد للمتجر و لم يلتقي بذلك الشخص ليومنا هذا،،
لقد كانت تلك الجملة قاسية جدا، أشد من ماء النار يصب على قلب طفل رضيع، لم ينتظر يوما سماعها، و من شخص توسم فيه خيرا في البداية.
كيف ينفعل الناس بسرعة بسبب خلاف بسيط؟ أيستحق قولي كل هذا الرد؟ لم يتحول الخلاف للك ذي رأي عوض حصره في القضية بحد ذاتها؟ لطالما طرح أسئلة مشابهة على نفسه، و ما وصل لجواب.
لم يصدق كيف يقوم الناس بإيذاء الآخرين، بسهولة بدم بارد برودة القطبين، بغرور و لا مبالاة.
ظل في بيته مدة طويلة، قل تواصله مع الناس، ثم سافر و زوجته فجأة إلى أوربا بعد أن أخبر شخصا واحدا و استأمنه على بيته و أملاكه.
عاد لبيته بعد أسبوعين، خلف وجهه حزن عميق، يبدو أن الجرح لم يندمل.
و هل تندمل الجراح؟
أثر الجرح لا يختفي، مهما طال الزمن.
أحد المحلات التجارية الذي يتسوقون منه سبب لتعرفهم، و فيه يلتقون كثيرا،
و كحال كل المتجاورين، كونوا سابق معرفة و كلام بين بعضهم البعض،
لطالما امتد بهم النقاش و تشبث كل برأيه، يصعب إقناع الكبار بتغيير رأيهم بسهولة،
مع ذلك ظلت نفس الطريق تجمعهم، و ظلوا يتسامرون في ما بينهم،،
جرتهم أحداث العصر للحديث عن الأزمة العقارية و ما يحدث في العالم، كون إبراهيم كثير الترحال في الدول الأوربية فقد قدم رأيه في الموضوع، لقد عاش في أوربا أزيد من خمسين سنة، و لديه خبرة لا يستهان بها..
لم يرق لأحدهم كلامه، و الأصح لم يتقبل رأيه، "أسكت، أنت لا تفهم شيءا"، قالها أحدهم، تعجب إبراهيم من هذا فرد: "و هل قلت إنني أفهم شيءا، هل تراني خبيرا بالبورصة؟ لقد قلت رأيي فقط!"، تغاضى الجميع عن القول و استمر الحديث..
اختلفوا مرة أخرى، و ما أكثر اختلافهم، لكن لا يعدو خلافا بسيطا يعودون بعده لسابق عادتهم، هكذا هم.
ذكر إبراهيم أنه لامس أثر الأزمة الدولية في أوربا، فقد جاء من هناك قبل أسبوع، أشار لكثرة الشركات المتوسطة التي تغلق أبوابها بسبب مشاكل مالية، و تأثير الأزمة الدولية الذي شمل أبناء المهاجرين. اعترض الأول مرة أخرى و عرج على ذكر ابنه المقيم بأوربا و المعلومات التي يسردها: كل شيء بخير، إنه ينوي زيارة المغرب قريبا جدا و سيحضر سيارة و نقودا، و قبل ذلك أبناؤه الذي ولدوا في ديار المهجر..
أجاب إبراهيم: "قد يكون عاملا بقطاع لم يتأثر بالأزمة، خير له لو يأتي صيفا، سيجد متسعا من الوقت له و لأولاده"، فرد الآخر منفعلا: "تريد أن تبعدني عن ابني، خيرك هذا اتركه عندك!"، تفاجئ إبراهيم من انفعاله فوضح: "هو حر، أنا أسافر كل شهر لأوربا و أعرف ما أقول، اسمعني فالخير معي"، هنا قال الآخر: "لو كان فيك خير لما كنت عقيما!".
ذلك أنه سأل فعلم أن إبراهيم لا أولاد له و لا عائلة كبيرة، ذلك قدر الله و ما باليد حيلة، كما أن شيخوخته الحالية تجبره على الرضى بالواقع. إلا أنه كان ذو ميسرة.
كان لتلك الجملة القصيرة الأثر الصادم في نفسية إبراهيم، فلم يسبق أبدا أن عيره أحد بغياب البنين، لطالما احترمه الجميع و لطالما كان جديرا بالاحترام..
ظل ساكتا لبرهة، كانت تلك أول مرة تسقط من عينيه دمعة منذ سنين طويلة، لم يتمنى يوما أن يقع في مثل هذا الموقف، و الأيام أوهمته ألن يحصل ما حصل، لكنه حصل!
تصرفات الآخر تشير إلى أنه غير مبالي، كأنه لم يقل شيءا، فلن يشعر بمدى قسوة كلامه إلا فاقد البنين، إلا من طوى الليل وحيدا لسنين، إلا من ظل و زوجه ينتظر الأيام أملا في رضيع.
ركب سيارته و اتجه نحو بيته، غير مبالي بنداء هذا أو ذاك، لم يعد للمتجر و لم يلتقي بذلك الشخص ليومنا هذا،،
لقد كانت تلك الجملة قاسية جدا، أشد من ماء النار يصب على قلب طفل رضيع، لم ينتظر يوما سماعها، و من شخص توسم فيه خيرا في البداية.
كيف ينفعل الناس بسرعة بسبب خلاف بسيط؟ أيستحق قولي كل هذا الرد؟ لم يتحول الخلاف للك ذي رأي عوض حصره في القضية بحد ذاتها؟ لطالما طرح أسئلة مشابهة على نفسه، و ما وصل لجواب.
لم يصدق كيف يقوم الناس بإيذاء الآخرين، بسهولة بدم بارد برودة القطبين، بغرور و لا مبالاة.
ظل في بيته مدة طويلة، قل تواصله مع الناس، ثم سافر و زوجته فجأة إلى أوربا بعد أن أخبر شخصا واحدا و استأمنه على بيته و أملاكه.
عاد لبيته بعد أسبوعين، خلف وجهه حزن عميق، يبدو أن الجرح لم يندمل.
و هل تندمل الجراح؟
أثر الجرح لا يختفي، مهما طال الزمن.
اقول لمن اخطأ على ابراهيم " الا الحماقة اعيت من يداويها "
ردحذفهذه إهانة بسيطة عما سمعتها أنا من شخص قالها لعقيم...!! بل أخجل من ذكرها على الملأ.
ردحذفأما عن ذلك المخطئ ومن على شاكلته، فحمد النعمة عنده مسلوب.
أسأل الله الهداية.
ما أشد ظلم بني الإنسان لأنفسهم!
ردحذفمن الناس من تكون ألسنتهم أشد حدة من السيوف.
ردحذفأحيانا يتمنى المرء أن يقطع تلك الألسنة، و أحيانا أخرى يؤثر الصبر.