28 مارس 2009

بيروقراطية دولة!

البيروقراطية، لقد تخلصوا منها من زمن، إلا نحن معشر المغاربة!
قصة عشق ربما، من يدري؟

تجديد البطاقة الوطنية (على سبيل المثال) إجراء لا يجب أن يتطلب الكثير، فمنطقيا أنت "مواطن" و هم مسؤولون عن توفير الخدمة لك، التي تؤدي ثمنها طبعا.. الواقع يقول غير ذلك! من المرجح أن صبر أيوب لا يكفي لتحمل مشاق التنقل بين الإدارات، تأمل منظر الموظفين المتغطرسين، سماع خبر إضراب الموظفين (بعد أن تقطع 10 كلمتر لتصل للمقاطعة الإدارية، في غياب وسائل النقل طبعا)، و غياب كرسي تجلس عليه و أنت تنتظر عودة المسؤول لمزاولة عمله! المسكين جائع و ذهب ليتغذى، ذهب و لم يعد..

أذكر أنني قبل حوالي ستة أشهر أردت تجديد بطاقة التعريف خاصتي، فهالني حجم البيروقراطية المتجذرة في مؤسساتنا، فمن مكتب عقود الإزدياد لمكتب الشرطة مرورا بمكتب شهادة السكنى بعد العرج على النائب الإداري على الحي، و قبل هذا مصادقة وثائق و إمضاءات.. ثم مكاتب مبعثرة كل في منطقة و كل يتملص من مهمته ليوجهك لإدارة أخرى.. تحس و كأنك تحرر طلبا لترؤس وكالة الطاقة الذرية! كلها "بطاقة تعريف" فقط و هذا حق يكفله القانون.

بكل بساطة تخليت عن تجديد البطاقة، حينما سمعت عبارة على شكل: "عد بعد 4 أشهر، موعد موعدك" أحسست بمدى تخلف مؤسساتنا (بدون استثناء) رغم أنني أملك وثائق تثبت ضياع بطاقتي، هل يجب أن أبقى 4 أشهر بدون تعريف و نحن في القرن 21؟ لو رسموها بأيديهم لما كلفهم كل هذا الوقت! هناك حلول أخرى تحت الطاولة، فلا تستغرب إن وجدت أحدهم يدفع الملف ناقصا اليوم فيحصل على البطاقة غدا! شيء يبدأ بحرف الراء و يتبعه الشين ثم الواو.. عرفتموه طبعا.. (معروفة عربيا، بامتياز).

على أي، من محاسن الصدف أن وجدت بطاقتي العزيزة، بعد تخليي عن ملف التجديد..

الحكاية تتكرر في جميع الإدارات، أذكر ذات يوم تنازلت عن مهمة في إحدى الجمعيات لأن عضويتي تتطلب إحضار بعض الوثائق، هذه الأخيرة يلزمها سفر مئات الكلمترات لمكان ولادتي!! و يقولون نحن في عصر اللامركزية و الجهوية!

في الضفة الأخرى، إبن أختي كان في حاجة لجواز سفر، طلبه في الصباح و كان بين يديه في نصف يوم!! هذه السرعة في التعامل مع المواطن لا تخطر على بال المواطن المغربي، و لا حتى في أحلامه.. يلزمك الذهاب و العودة 20 مرة طيلة شهر أو شهرين لتحصل على مبتغاك، هذا إن كان الحظ حليفك! (أتحدث عن اتباع الطريق القانونية دون تدخل من هذا أو لأن فلان بن فلان..).

على أي،
قبل أسابيع توصل أبي برسالة غريبة، غريبة لدرجة لا تتصور! فحوى الرسالة تدور حول حكم المحكمة لصالح أبي إثر حادثة سير سابقة.. لكن مهلا، لا أذكر أن أبي قام بحادثة سير في الشهور الأخيرة، و لا حتى في السنين الأخيرة، المؤكد أن هناك خطأ ما..
بعد تمعن و إعادة الذاكرة للوراء، مع الربط بين المعلومات، تبين أن الحادثة وقعت قبل أزيد من عقدين من الزمن! أيام كانت الأسرة تقيم بمدينة أخرى و السيارة صاحبة الحادثة لم تعد موجودة في الأسواق حتى!! قبل هذا لم أكن أنا قد عرفت النور بعد!!!
هل تتصورون معنى أن تتلقى جوابا من المسؤولين بعد مرور أزيد من 20 سنة؟ فقط ماذا كانوا يفعلون طيلة هذا الوقت؟ دماغي لا يستطيع إيجاد حل لهذه المعادلة، آسف :)

أفكر في تسجيل القضية لدى موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لا أعتقد أن هناك دولة أكثر بيروقراطية منا. ربما حتى هذا المصطلح لم يعد مناسبا، الأصح قول سوبيروقراطية (سوبر+بيروقراطية)..
أو ربما.. حسنا لنترك التاريخ يسمي الأسماء بمسمياتها..







تعليقات فيسبوك:


هناك 7 تعليقات:

  1. هدا هو حالنا اخي محمد
    غير الله يصبرنا وصافي
    بخصوص المدونة تغيرت بعض الشيء(لااقصد القالب والاضافات) اقصد الشريط الازرق على العناوين والصور اعلى المدونة
    على اي خير ان شاء الله
    بانتظار جديدك

    ردحذف
  2. محمد ... معك حق ، البيروقراطية أو الروتين هو مشكلة الدول العربية .
    غريبة جدا قصة القضية الخاصة بوالدك ، يبدو أنها تأخرت لأن الحكم لصالحة :)

    ردحذف
  3. عادي جدًا..
    ليست لديكم فقط.. إنها ظاهرة عربية..

    ردحذف
  4. هذا حالنا اخي مجمد.فلا تستغرب.مثل مايقول المثل اذا كنت في المغرب فلا تستغرب.كل الدول العربيه هكذا.ذكرتني بهذه الحادثه كنت من الموجودين فيها

    ردحذف
  5. سلام الله عليكم أخي محمد

    20 سنة للحكم في قضية، لو كانت اعقد معادلة لحلت.
    على أي فكرة تسجيلها في كتاب كينيس فكرة تستحق التفكير.

    في ما يخص المدونة ارى ان تقوم بحفظ الصور على picasa بنفس حسابك في كوكل حيث ان Bandwidth هنا غير محدد,

    تقبل مروري

    ردحذف
  6. هذا البطء في اصدار الأوراق الادراية يرجع الى عدة أسباب :
    - عدم استخدام المعلوميات في الادارات ...قد تجد جهاز على المكتب لكن فقط للتزين لانه قديم و لايعمل ويستخدومه للعب لعبة الورق freeCell
    - عدم الاحساس بالمسؤولية وغياب جهاز للمراقبة وتفشي ظاهرة الرشوة حتى تعودوا عليها وأصبح العمل بدونها مملا بالنسبة لهم وبالتالي ينظرون الى المواطن الذي يريد استخراج اوراق ادراية دون ان يدفع" قهوة" على انه "لص" او شخص يريد ان يستغلهم ..
    عندما اريد ان استخرج احد الاوراق الادارية ارتدي بدلتي الانيقة مع الحداء الكلاسيكي والنظرات السوداء فالمظاهر داخل اداراتنا "تخلع" وتعفيك عن دفع ورقة من فئة 20 درهم :)

    ردحذف
  7. وضع مزري .. جداً

    طبعاً حصلت معي حين حاولت اصدار هوية من اليمن فأنا من المملكة العربية السعودية ولكني يمني .. بطريقة مستوية دون (رشوة) اخذت ثلاثة ايام ومبلغ مالي قدره 3000 ريال يمني .. ولكني حين فقدت تلك البطاقة اصدرت بدل الفاقد في 3 ساعات و(1000) ريال يبدو ان الطريقة الثانية هي الافضل؟؟؟!!!

    انا مؤمن جداً بإن الشعوب العربية واقعة في امرين:
    - الواسطة (وهي وضع الناس في غير مكانهم -الموظفين-).
    - الرشوة (وهي مقابل فعل ما لا يجب فعله).

    فلو حذفتهما من قواميس اي دولة لرأيت كل شيء بخير.

    تقبل مروري

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)