15 أبريل 2009

جولة في معرض طنجة للكتاب

معرض للكتاب هنا؟
هذه من الأمور غير المعتادة :)
موعد المعرض في البال: من 15 أبريل إلى 19 منه، 4 أيام فقط. أكيد أنها فرصة لا تعوض للحصول على بعض الكتب المميزة.
مباشرة بعد مغادرتي للكلية توجهت للمدينة، وصلت لحي مرشان و ما هي إلا لحظات حتى وجدت نفسي أمام قصر مولاي عبد الحفيظ، هنا تم تنظيم المعرض.

الإسم الحالي للقصر هو "قصر المؤسسات الإيطالية"، أما تسمية "مولاي عبد الحفيظ" فتعود للسلطان عبد الحفيظ، أخ الجد الثاني لملك المغرب الحالي، و أحد سلاطين المغرب ما قبل عهد الحماية، إذ كان هذا القصر مخصصا له.
كفانا دروس تاريخ! لنعد للموضوع :)

دخلت القصر فأعجبت بهندسته المعمارية، إذ ما زال يحافظ على التراث المغربي التقليدي.. خطوات فإذا بي أجد نفسي وسط فناء القصر: هنا معرض الكتاب!

أتجول في الرواق الأول و أنا متعجب قليلا، يجب أن أكمل الجولة حتى أتأكد.. قمت بجولة كاملة لأخرج بقناعة أولى: هل أنا في المغرب أم في فرنسا؟ بالتأكيد الأخيرة :(

  • 90% من الكتب المعروضة فرنسية الهوى و 5% منها لإبنة خالتها الإسبانية. لو أردت الصدق فربما الكتب العربية أقل من 5% المتبقية!!
  • السيدة التي تتحدث في الميكروفون لا تنطق بغير لغة موليير، أشك أنها مغربية أصلا :)
  • ماذا عن دور الكتب؟ فرنسية بطبيعة الحال، أما المغربية (أو العربية) منها فخجلت من كتابة اسمها بالعربية: "Dar AL Manar" أكثر أناقة من "دار المنار"، أليس كذلك؟ تلك سيرتهم من البداية للنهاية.
  • منظموا المهرجان فرنسيون، و أنا أتجول سمعت عبر الميكروفونات دعوة لدخول القاعة الفلانية فالمنظمة الفلانية ذات الإسم الفرنسي ستلقي كلمة (أو عرضا، لست أذكر).
  • المعرض يرعاه "المعهد الفرنسي"، هذه جملة كافية لتوضح ما التبس من الأمور.
كفانا من هذا، لننتقل للحضور..
و أنا أتجول و أتأمل زخرفة المكان، و بعض الرقصات التشكيلية التي تؤدى وسط الفناء.. لم أسمع و لا جملة واحدة بالعربية أو الدارجة المغربية :) جزء كبير من الحاضرين من ذوي الشعر الأشقر و العيون الخضراء، طبعا عرفتموهم :p أما البقية فهم العرب المتفرنسون، سيماهم في وجوههم من أثر الخضوع لفرنسا.

بالمناسبة، هل ذهبت أنا لرؤية الكتب أم التمتع بزخرفة المكان؟ إنه معرض للكتب و ليس للصناعة التقليدية و الزخرفة المغربية!!
كل ما في الأمر أن أعيني لم تقع على أي كتاب يستحق الإهتمام، لا كتب العلوم هناك و لا كتب الهوايات، كتب الحواسيب غائبة أيضا و كذلك الكتب المخصصة للطلاب الجامعيين العلميين، حتى كتب التاريخ لم ألحظ وجودها.. حسنا إذن ما الموجود؟ إنها كتب الأدب الفرنسي، الروايات الفرنسية و الفرنكفونية، بعض الروايات المشهورة (المترجمة للفرنسية بالطبع)، كتب للأدب العربي بالعربية (أجزم أن أحدا لن يلمسها)، كتب لمحمد شكري قرأتها من زمن.. الخلاصة أنني لم أمر و لا على عنوان واحد يستحق الإهتمام، للأسف!

الطريف في الأمر أنه في إحدى اللحظات سمعت في الميكروفون ما معناه: هناك محاضرة في القاعة الفلانية يقدمها الشخص الفلاني، يرجى دخول المغاربة فقط :D (مع تحفظي: ربما أنا الذي فهمت خطأ، لكنني متيقن مما سمعت.) يا ترى ماذا يقصدون ب"المغاربة"؟ أو بالأحرى: أي "مغاربة" يقصدون؟ لغز يحتاج لحل..

لم أدخل لسماع المحاضرة بالطبع، بل توجهت نحو الباب و غادرت القصر غير مأسوف عليه، لم تكن لدي كاميرا لألتقط لكم بعض الصور، فكما يقال: "رب صورة خير من ألف سطر" (هل هذه القولة موجودة بالفعل أم أنها من بنات أفكاري هههه.)

في الطريق للبيت لم أتوقف عن التفكير: لم كل هذه الإهانة للغة البلد و إرثه الثقافي؟ قليل من رد الإعتبار يا مثقفينا، رجاء.

الثقافة الفرنسية تستحق الإهتمام و المتابعة بكل تأكيد، لكن "نوص نوص" و هذا أضعف الإيمان ("نوص نوص" باللهجة المحلية تعني "نصف نصف")، يا سادة حتى اسم المعرض كتبتموه بالفرنسية؟؟

مع ذلك، لنحكم العقل قليلا: لم يحصل شيء غير منطقي! المعرض تنظمه مؤسسة فرنسية تحرص على خدمة لغتها بكل السبل، بينما وزيرة الثقافة عندنا لا تعرف عن الثقافة إلا الإسم! طبيعي فسيادتها لم تكمل التعليم العام و أمضت شبابها مقدمة إعلانات على الشاشة و ممثلة مسرحيات!!! من التمثيل و الخزعبلات لوزارة الثقافة :)
كما و في الوقت الذي تتواجد في المدينة مكتبة فرنسية و أخرى إسبانية بهما زاد معرفي مميز، مع القاعات الثقافية و الفنية التابعة للمعاهد الأجنبية.. نجد غياب أي مكتبة عمومية بالعربية في المدينة! هناك "المكتبة البلدية" (أو اسم كهذا) تعشش فيها الفئران و لم تفتح أبوابها منذ العصور الحجرية. هناك "دار الثقافة" التي لا علاقة لها بالثقافة لا من بعيد و لا من قريب، بل مجرد مبنى فارغ لا يعرفه أغلب سكان المدينة.. ماذا هناك أيضا؟ "مكتبة كنون" و هي مفيدة لمن يحب الكتب ذات الأوراق الصفراء و طباعة منتصف القرن الماضي :)
مجهود خارق يبذله المسؤولون للرقي بالثقافة و مستوى الوعي! لا عدمناكم كما يقول أهل الخليج :)
ربما حينها يحق لي انتقاد غياب العربية، فقانون العرض و الطلب له نصيب أيضا، لو كان الإهتمام المحلي منصب على الثقافة لوجدنا من يستثمر في الميدان، أما و حينما تظهر إعلانات "مهند" مع الشامبو و الأثاث و السيارة و هلم جرا وسط المدينة، و حينما يمتلء الشاطئ عن آخره ليلة تنظيم مهرجان فني لضفدعة (أقصد مغنية أو فنانة أو.. ) اسمها "اعتابو" فلا لوم حينئذ!

ملاحظة أخيرة: ما ذكرته عن المعرض فهو من منطلق زيارتي له في أول يوم: يوم الإفتتاح، ربما تتغير الأمور في الأيام الموالية، على أي لي عودة له مرة أخرى.






تعليقات فيسبوك:


هناك 13 تعليقًا:

  1. سيأتي يوم ينتهي فيه الاستعمار.. إن شاء الله

    ردحذف
  2. الحمد لله على وجود ناس لديهم غيرة على بلدهم ولغتهم. ولكن لا مانع من وجود ثقافات وأدبيات أجنبية مع عدم إهمال أو الإستهانة بثقافتنا العربية والإسلامية.

    ردحذف
  3. الحمدلله أني لست الوحيد الذي يتعجب من اللذي يري لنا لغته الفرنسية الطليقة ويبقى يهجئ لغة بلده ويحرفها عن مسارها يمينا وشمالا هذا الكلام رأيته من أحد وزراء بلادي وهو وزير الشؤن الدينية؟؟ يا حبيبي..
    فما بالك لو كان وزير للشؤن الخارجية؟

    ردحذف
  4. هل هو المعرض الصحيح في المكان الخطأ؟؟؟ هاهاها ربما!
    كنت أود أن أحضر المعرض لسبب واحد، لكن الزيارة ألغيت للأسف.. السبب هو أنهم سيحضرون -على حسب علمي- الحائز على نوبل للآداب "لوكليزيو"، و صراحة هي فرصة جيدة للفوز بإمضاء فوق أحد رواياته و خصوصا "ترنيمة الجوع"...
    محمد، لا تنسى أنك تتحدث عن طنجة، أقصد عن المدينة الدولية! P:

    ردحذف
  5. لإن ماتت -بني قومي- حروفٌ ***رعاها الأولّون وأبدعوها
    فإن المجد فيها حيث ولّت *** أعالي الأرض نالت أو دناها

    لا يوجد شيء إسمه معرض الكتاب أخي محمد، لكن لو تجولت في "كاساباراطا" بتأن لوجدت بعض ثراتنا هناك في كتب صفراء خير وأبقى، كذلك في مكتبة إسطمبول في "العوامة" كنت أجد كل مرادي هنالك وكأني في معرض دائم للكتاب.

    ردحذف
  6. --الأخت نجاة، لن يتأتى لنا ذلك دون إصرار و تحدي..

    --الأخ عادل، طبعا لا مانع من وجود ثقافات و أدبيات أجنية، إلى جانب المحلية! شيء من هذا و شيء من ذالك.

    --الأخ سعد، لدينا وزراء من نفس الشاكلة، اطمئن :)

    --الأخ أسامة، سمعت أنا ايضا أن هذا الأديب سيكون حاضرا في المعرض، هذه المعلومة تداولتها الألسن أيام معرض الدار البيضاء، لكن أثناء زيارتي للمعرض لم أر أي إشارة لحضور هذا المبدع، كما أنني نسيت الإستفسار عنه، ذكرتني :)
    كانت مدينة دولية، ليتهم يعيدونها كما كانت و يتركونها في شأنها!

    --الأخ عمران، "كاساباراطا" لم تعد كما كانت، كأنها ضاحية من ضواحي كابل! أما مكتبة اسطنبول هاته فلا أعرفها، فرصة لأبحث عنها، شكرا :)

    ردحذف
  7. في مدينة جدة في السعودية تجربة جميلة جداً لمعرض كتاب أقامه النادي الأدبي ، لم يكن لوزارة الثقافة دخل به ، إلا أنني أظن أنهم استأذنوها في ذلك ..
    يمكن للاتحادات الطلابية في الجامعات تنظيم معارض كتاب .. دور النشر العربية تنتظر دعوة فقط .. ومدينة كطنجة مغرية حقاً لهكذا فعاليات .. جرب تسويق الفكرة في الجامعة ستجد مهتمين حتماً ..
    بالمناسبة لديكم المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء مميز للغاية ، وهو أهم جناح في معرض الكتاب في الرياض بالنسبة إليّ ..
    حسناً لايمكنك نشر الثقافة العربية والأدب العربي بكتب قديمة ومكتبات يملؤها الغبار رغم قيمتها العالية، العامة لا تروقهم هذه المظاهر .. و وجود اللغة الأجنبية مهم ، خاصة تلك التي تحمل مخزون فكري أدبي واسع كالفرنسية، لكن الثقافة تبقى عرجاء ومشوهه إذا لم ترتكز على الدين واللغة الأم وآدابها ..
    " يبدو أنني كتبت تدوينة وليس تعليق :$ "

    ردحذف
  8. غرت منك جدا

    ليتني اتمكن من الذهاب لهذا المكان

    ردحذف
  9. أسأل الله أن يعينكم وضعت في مدونتي دعماً لكم بنر بلا فرنسية

    خاطبني بلغتي يا ابن بلدي مؤسف و الله حالكم

    ما رأيك لو قام المدونون المغاربة بالتكاتف و أخذ اذن و انشاء

    معرض للكتاب يكون عربي مائة في المائة و يحتوي على ندوات

    و محاضرات تدعو للحديث باللغة العربية و أدباء يتحدثون

    عن اللغة العربية و يزرعونها في قلوب الأخوة المغاربة

    ستكون الفكرة في قمة الجمال لو تم تطبيقها :)

    ردحذف
  10. معارض الكتاب اعتقد بأنها بدأدت تأخذ اهتمام عربى عن سابقه على ما أعتقد؟!!! وجميل جدا اهتمامك بالعربيه وثقافتها على الرغم انى أشك ان 1/3 المغرب العربى مهتم بها

    ردحذف
  11. --الأخت نورة، الإتحادات الطلابية تحتاج لمن ينظمها هي الأولى، حتى المظاهرات و الوقفات الإحتجاجية لا يجيدون تنظيمها، أما معرض للكتاب فستكون كارثة..
    المركز الثقافي في الدار البيضاء؟ حسنا لا أعرفه :) بل و لم أزر الدار البيضاء بعد! شكرا لك فسيكون في البرنامج عما قريب، حينها سأكتب "جولة في المركز الثقافي بالدار البيضاء"، هل هو معرض أم مكتبة؟ و الأهم: ليته يفتح أبوابه طوال السنة..
    لم أضفت صندوق التعليقات في الصفحة؟ حتى أرى تعليقات مفيدة و قيمة كتعليقاتك، دوما.

    --الأخت زهرة الريف، أممم، لديك فرصة السنة المقبلة، يتم الإعلان عن المعرض شهورا قبل الحدث، لذا، كوني في الموعد!

    --الأخت نوفة، ختمت تعليقك بعبارة جميلة: "لو تم تطبيقها"، هناك مشكلة مع لو هاته، علها تضمحل مستقبلا..
    المدونون النشيطون و المبدعون من المغاربة متواجدون على الساحة، لكن الخطوات الأولى من سبيل اللقاء و التعارف مباشرة لم تتم بعد إلا استثنائات.

    --الأخ محمود، هذه الدورة 12 لهذا المعرض :) المشكلة هي غياب التنظيم و الترويج للمعارض، للإعلام دور في هذا أيضا..

    ردحذف
  12. حسناً صدق أو لا تصدق نحن أيضاً لا يحق لنا - سياسياً - تنظيم اتحدات طلابية في الجامعات !! هذا كافٍ جداً لأن نسمي جامعاتنا مدارس ثانوية عليا >.<
    المركز الثقافي العربي مكتبة ودار نشر :) ، لم أزر المغرب ولا الدار البيضاء .. أتمنى أن أتمكن من ذلك يوماً ..
    وشكراً لك

    ردحذف
  13. حسنا يا محمد، بما أني من أبناء الدارالبيضاء البارين :P فأني سأجيب عن سؤالك بشأن المركز الثقافي العربي.
    المركز الثقافي العربي دار نشر، أول الأمر كانت مكتبة في الدار البيضاء، لتفتح دار نشرها في بيروت. توجد المكتبى في حي الحبوس في الدارالبيضاء، و هي تتميز بجودة المواد المنشورة.
    إن أردت مزيد من المعلومات فأنا رهن الإشارة ;)

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)