22 مايو 2009

خطبة الجمعة، كما العادة

يرتقي الخطيب المبنر و أمامه هدف سام، رسالة يبلغها، و الجميع خشوع..
يبدأ بالمقدمة التي حفظناها جميعا، ثم مجموعة أقوال مأثورة تكرر كل خطبة جمعة. ينهي حديثه بالصلاة و السلام على النبي المصطفى فمجموعة أدعية (محفوظة عن ظهر قلب هي أيضا) يذكرها كما ذكرها في الجمعة الماضية و ما قبلها، بدون زيادة و لا نقصان!
بين هذا و ذاك محور الخطبة أو هدفها الذي أهمل، فما أن يلج الخطيب موضوع حديثه حتى يذكر الجملة المنجية: "نظرا لضيق الوقت" نظرا لضيق الوقت فلن نتحدث بالتفصيل عن موضوع خطبتنا (ثم نسمع أعذارا كلزوم عشر ساعات و تسع مجلدات للإلمام بموضوع الخطبة). فجأة، ينتقل للشطر الأخير: الخاتمة!!

إذن فالخطبة ثلاثة أجزاء: مقدمة تأخذ 40% من الوقت، خاتمة لها 40% أخرى، و لموضوع الخطبة 20%، ثم نتعذر بضيق الوقت :)
أتساءل: هل عباد الله الحاضرين هم هنا لسماع "مقدمة و خاتمة" يحفظونها منذ ترددهم على المسجد؟ أم للإستفادة من موضوع الخطبة و الخروج بمعلومات مفيدة؟
أعتقد أنه من الأنفع لو اختزلت المقدمة في دقيقتين و كذلك العمل مع الخاتمة، لنفسح لموضوع الخطبة مجالا، و لننظم الزمن قليلا! تجد أحدهم يذكر "نظرا لضيق الوقت" و يسهب في تفصيل ضيق وقته هذا! يا إمام لو حدثتنا عن الموضوع و دع عنك ضيق الوقت هذا، أنت تضيع الوقت بيديك و تشتكي؟
-----
يحصل أحيانا أن نتوجه للمسجد و هدفنا خطبة الجمعة، تنتهي الخطبة و نعود للبيت حيارى: أكانت خطبة جمعة أم درس تاريخ و جغرافيا؟!
أذكر يوما خطبة لا تنسى: "في السنة الفلانية حصل كذا و كذا، بعدها حصل كذا و كذا ثم... و بعده ...." انتهت الخطبة! خرجنا و كل في وجه الآخرين يتأمل بذهول، أكانت خطبة جمعة أم شيء آخر؟ من يدري!

و غير بعيد عن هذا، أرى أن هناك فرقا بين "الدروس" و "خطبة الجمعة"، ليسا سواء، و لكل وقته. ذات يوم خصص لنا الخطيب شهرا أو يزيد يحدثنا بالتفصيل الممل عن المذهب المالكي و نشأته، كيف انتقل لمصر فتونس، المفرب إلى وصوله الأندلس، و لكل مرحلة خطبة كاملة بتفاصيل الشخصيات و الأحداث!! يا شيخنا، ما تذكره معلومات قيمة و مفيدة للغاية، لكن خطبة الجمعة ليس وقتها، لو كانت درسا..
-----
يصعد الخطيب المنبر، درجة درجة، يلقي الخطبة و تسمع أخطاء لغوية و تلعثما أحيانا، ترفع النظر للخطيب فإذا به يقرأ من ورقة! هذه لحد الآن لا أفهمها!! لم تلك الورقة و العينان لا ترفعان عنها؟ مع قراءة الحرف بالحرف..
من الجيد لو حمل الخطيب معه ورقة يسطر فيها محاور الخطبة، أحاديث يود ضبطها و أمور يحتاط من تشابكها.. لكن أن يجهز الخطبة (أو يجهزونها له) فيتلوها على الحاضرين كلمة كلمة بالنقطة و الفاصلة، أين الخطبة من هذا؟
-----
رحم الله عبدا بنى مسجدا فأحسن هندسته! الهندسة هنا لا تعني الجدران المنمقة و الأسقف المزخرفة. قصدي طريقة توزيع الإنارة، و الأهم: توزيع الصوت في المسجد! أحيانا أفضل الصلاة خارج المسجد في الصفوف الأخيرة (للأسف)، فداخل المسجد إما أنك قرب الجدار (أو الأعمدة) فتتكلف مكبرات الصوت بطبلة أذنك و تجعلها ترتعش لوحدها، أو أنت بعيد عنها بالكاد يصلك شيء!
الهندسة تشمل الهواء، قرأت يوما عن أجدادنا و إتقانهم فن تمرير الهواء داخل المساجد و البيوت، نحن في القرن21 و لا نجيد ذلك! و أنت تصلي تتمنى هبوب نسمة أكسجين واحدة، لا ينافسك عليها أحد، ليتها تأتي الآن ^_^ هذا يذكرني بتراويح رمضان المنصرم: صليتها كلها خارج المسجد في الهواء الطلق، لست وحدي بل مئات نحن، و كان أن ظل نصف المسجد فارغا و الأغلبية خارجه. (هناك حديث يحث على التقدم للصفوف الأولى للظفر بالأجر، لكن أعتقد أن هذا غير سار في بعض المساجد).
آه نسيت، بعض المساجد تحرص على إدخال الهواء بجد! لكن، نريد بعض الهواء المتجدد فقط و ليست تيارات هوائية ترسلنا للمستشفى! ها هي المراوح على رؤوس المصلين و النوافذ مفتوحة عشوائيا من كل صوب و حدب.. النتيجة: أقراص أسبرين و سرير :)
-----
أأكمل؟
لقد أكثرت على خطبائنا و مساجد الرحمن، لكن ما العمل؟ دلوني!







تعليقات فيسبوك:


هناك 10 تعليقات:

  1. لم اقرأ المقال بالكامل لاني سأذهب للنوم ولكن..

    لدينا خطيب ما شاء الله عليه والله يعجبني جدا
    اولا يتكلم بلغة البلد الأمازغية عندنا الريفية
    ثانيا يشؤح كل كبيرة وصغيرة بشكل مبسط ومفهوم
    لا يكرر كثيرا ما يقول
    ينتقل الى خطوة خطوة ولا يحرق المراحل

    المهم الله يحفظ

    هذا عكس بعض الأئمة المستوردون من الجهات الأخرى وائمة المخزن

    ردحذف
  2. المرجو تعديل التعليق لانه يحتوي على اخطاء املائية

    الأمازغية -> الأمازيفية
    يحفظ -> يحفظه

    ردحذف
  3. ما أشرت اليه موجود للأسف, لكن هناك بالمقابل خطباء في المستوى.

    هذه المشكلة نقتسمها جميعا, الدولة أهملت المجالس العلمية والمدارس الدينية. وكدلك الاباء لم يعد يهتمون بإدخال أبنائهم لهذه المدارس, وبالتالي المتخرجون منها في الغالب لايغطون كل المساجد وهم متطوعون لا أكثر ولا أقل لأن الأجرة التي يحصل عليها بعضهم لاتتجاوز 60 دولار للخطيب في الشهر, والمفروض أن تكون أجرة الخطيب تكفيه حتى يتفرغ للدعوة. لدلك أمام قلة الخطباء و انعدام الحوافز أصبحنا نرى نماذج من الخطباء من نوع خاص.

    ردحذف
  4. الخطباء في المجمل بوق لدولة..خطباتهم تحمل المقدمة و الدعاء و بعضا من الخزعبلات..
    تحياتي
    أخوك نوفل

    ردحذف
  5. الظاهر الحال من بعضه يا محمد... فخطبنا كلها مقدمة... لا يتبعها سوى الدعاء!

    ردحذف
  6. نحن في خطبتنا يقول الإمام: الحمدلله فيقوم الجميع بمسح وجوههم ومن ثم والصلاة والسلام على رسول الله وأقم الصلاة.
    أو يقوم بالإعلان لصالح الدولة أي فاصل إعلاني حكومي.
    :)

    ردحذف
  7. السلام عليكم
    لقد رأيت أنك تحولت إلى ناقد محثرف أخي محمد :) لكن فعلا هذه مشاكل نعانيها كل أسبوع إن لم نقل كل يوم -في الصلواث العادية- ناهيك عن مشكل الزرابى المثسخة بحيث تضطرك لقطع التنفس في السجود ومشكل إغلاق المساجد بين الصلوات و غيره من المشاكل التي لا نرى أحدا يعيرها الإهتمام
    أما بالنسبة لمواضيع الخطب فيا ليتها كانت دروس تاريخ و جغرافيا ولكن المشكل أنها في العديد من المساجد -إلا من رحم ربي- صارت دروس في التربية الوطنية :) مسيسة 100%
    ولكن والحمد لله لازال هنالك بعض الخطباء يجعلونك تشتاق ليوم الجمعة, على الواحد فقط أن يتحرى قليلا وسيجد مايعجبه.

    شكرا على هذه التدوينة
    يـاسين

    ردحذف
  8. آخي الكريم
    الخطب لدينا مختلفة
    وايامها مختلفة
    وكلها عضة وعبر، وتتحدث عن مجتمعنا وعن مشاكل المجتمع
    مثل غلاء المهور، فـ بعد الخطب التي طرحت، لم تعد غلاء المهور غلاء !!

    والكثير والكثير
    لكن بالتوجيه الحصيح من المستمع والخطيب

    مالمانع في ان اتحدث مع الخطيب قبل المنبر، وآخبره بما يجب، او آقترح عليه، لربما يكون ذالك افضل

    لا تخجل وجرب الإقتراح فـ بالإقتراح ترتقي بالخطيب للامام

    مثل مدونتك
    لا اعتقد إنك لا تقبل الإقتراحات والنقد البنا
    فـ ذالك يساعدك بالرقي للافضل

    تقبل خالص تحياتي

    ردحذف
  9. السلام عليكم
    انا اختلف معك في نقطة ، برغم صدق ماذكرت وللاسف واقع نعيشة فى كثير من البلاد المسلمة ولكن انت لم تخصص حديثك على مسجدك لكن تركتها عموما وهذا غير صحيح ، لانه بالعرف هناك الابيض والاسود الاخوة بوجود خطباء علمو معني الخطابة وكيف يمارسوها ، وانا اؤيدهم في ذلك ايضا كما ايدتك و هذا طبيعي ، لكن من رايي انه يتوجب علي من يري مثل هؤلاء الشيوخ او ( المتمشيخين ) بالرد عليهم وابداء الملاحظات لهم من باب وذكر ومن ثم النصح ويتبع الخلاص منه ان لزم الامر
    وفقكم الله

    ردحذف
  10. حقيقة مؤلمة .. مضحكة مبكية نقرؤها في تدوينتك ..

    لم يقصر الإخوان في كشف وجه الحقيقة عن الخطب والخطباء .. لكن ما يغيظني أن كثيراً من هؤلاء الخطباء الشباب ( إن صحت تسميتهم بالخطباء ) هم اختصاصيون في اللحن وأخطاء اللغة .. لا يكادون يقولون جملة إلا وتكون زاخرة بالأخطاء الفظيعة حتى أن أحدهم أخطأ في ذكر آية قرآنية وأعاد الخطأ نفسه دون أن يشعر بفظاعة ما قال .. ( وإنها لكبيرة على الخاشعين ) .. [ وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ] يا رجل !!

    .

    مع ذلك هناك خطباء ربانيون لا تخلو المدينة منهم .. ولولا ضيق الوقت لما صليت جمعة في مسجد آخر غير مسجد الإمام الشاطبي هنا في مدينة طنجة .. فمن يخطب الجمعة هناك ليس خطيباً عادياً بل هو العلامة المفسر مصطفى البويحياوي حفظه الله .. بحر من العلم والبيان لا يُمل الجلوس إلى خطبه ودروسه ..

    نفعنا الله وإياكم بعلمه وأكثر من أمثاله ..

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)