31 أغسطس 2009

مفهوم الصداقة..

الحمد لله أن امتلأت المساجد بالمصلين في رمضان..
بجواري أحدهم، فرغنا من الصلاة وسلمت عليه، بدى لي وجهه مألوفا، وقد كان كذلك ذات يوم.
أتسائل: أين أعرفه؟ يبدو أنه يعرفني أيضا، أم أنه ممن قيل فيهم: يخلق من الشبه أربعين؟
ثم عاد إلي فقال: أأنت محمد؟ لم يخب ظني، لسنا غرباء!
خذلتني الذاكرة لحظتها، لقد تعرف على اسمي كاملا ولم أنجح أنا في التعرف ولو على اسمه أو ما يربطنا، لا بأس.. ليست أول مرة ^_^

وبفك الأحجية توصلنا للرابط: كراسي الدراسة الإعدادية!
جدران القسم وما تحويه من جد واجتهاد، شغب وعناد، جمعتنا لسنة.. ثم اختلفت بنا السبل سنين عددا.
ثماني سنوات، والتقينا اليوم! حري بذاكرتي أن تخونني وأنا لا أذكر سحور البارحة :P

ثم ها هو الحديث يطول، وأستطلع أخبار زملاء القسم الذين لم أسمع عنهم همسا منذ زمن، غير أنها الطرائف تذكرنا بأيام زمان..
أيام زمان؟ كأن الرأس اشتعل شيبا ^_^ ما يقول من لم يلتق أهله منذ عقود؟

نادر أن يحصل لقائي بالأصدقاء القدامى، ذلك أن الصداقات المتعددة ومع الجميع ليست من اختصاصي، يشهد التاريخ اقتصاري على مجموعة صغيرة (يشهد التاريخ؟ أي تاريخ وأي شهادة :P).

من الأصدقاء من تحتفظ بذكرى طيبة معه، حتى لو فرق المكان أو الزمان إلا أن المحبة والوئام لها أن تجمع، وتصر على صداقة كانت ذات يوم..

مع ذلك، ليس منا من لم يخذله أصدقاؤه يوما، ليس منا من لم يعرض عنه أصدقاؤه وقت حاجته إليهم.. كذلك هي الصداقة، قلة من يعطيها حقها، قلة من يؤمن بها علاقة إنسانية جدير لها أن تسمو.. وقد قيل في الصداقة النذر غير اليسير، أعرج على قول الإمام الشافعي فيها إذ صاغ شعرا يغني عن الكثير:

إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا -*- فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس إبدال وفي الترك راحة -*- وفي القلب صبرا للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه -*- ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة -*- فلا خير في خل يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله -*- ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده -*- ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها -*- صديق صدوق صادق الوعد منصفا

هي أسطر شاملة، كافية وافية، لمن أراد تأملا في مفهوم الصداقة..







تعليقات فيسبوك:


هناك 11 تعليقًا:

  1. أصدقاء الطفولة لهم مكانة متميزة و لايمكن تعويضهم .
    الشخص عندما يكبر يمكن ان يكون لديه أصدقاء كثر لكن أصدقاء الطفولة لايتكررون، لدلك وجب علينا دائما - وربما يكون الوقت مضى :) - أن نسأل عليهم ونوطد علاقتنا بهم ولو مرة كل شهر طبعا بما لايتنافى مع قول الامام الشافعي أعلاه.

    ردحذف
  2. ياااااه ذكرتني بأيام خلت..

    عظم الله أجرك,
    أنعشتني الأبيات أيما انتعاش, و جعلتني أبتسم ..

    شكرا لك محمد, شكرا لك

    ردحذف
  3. كم صديق باللسان وحينما ** تحتاجه قد لا يقوم بواجب
    ان جئت تطلب منه عونالم تجد ** إلا اعتذارا بعد رفع الحاجب
    تتعثر الكلمات في شفتيه ** والنظرات في زيغ الأفق ذاهب
    يخفي إبتسامة كأنك جئته ** بمصائب يرمينه بمصائب
    والصحب حولك يظهرون بأنهم ** الأوفياء لأجل نيل مآرب
    وإذا اضطررت غليهم أو ضاقت ** الأيام مالك في الورى من صاحب
    جرب صدسقك قبل أن تحتاجه ** ان الصديق يكون بعد تجارب
    أما صداقات اللسان فإنها ** مثل السراب ومثل حلم كاذب

    ردحذف
  4. والله إني وقد إشتقت إلى أصحابي..
    أحاول ملاقاتهم في أحلامي، ما أخبارهم، كيف هي حياتهم، إلى أين وصلوا..؟
    أحاول جاهداً البحث عنهم في الفيس بوك وفي الدردشات وبين المواقع..
    تباً للأسماء المستعارة وتباً للحياة الإفتراضية..

    ردحذف
  5. نعم اخي محمد قليل منا من يعرف مفهوم الصداقة تلك


    رمضان كريم

    ردحذف
  6. السلام عليكم
    أغتقد أن الصديق الحقيقي كالعملة النادرة تحفة لا يوجد لها مثيل فإن قدر لك أن تجدها فلا تضيعها أبد فاحتمال إيجاد مثيلاتها قليل لقد تعرضت لخذلان الكثيرين ممن كنت أخالهم أصدقاء لكن الحمد لله فقد عوضني بكم بارك الله فيك أخي محمد

    ردحذف
  7. من الصعب ان تجد صديقا وفيا
    لكن من الصعب جدا أن تكون أنت هو الصديق الوفي


    هي كنز
    من وجده
    نال السعادة

    هنا دوما يا محمد
    سلاموووووووو

    ردحذف
  8. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    تدوينة موفقة كعادتك أخي محمد..
    أعجبني ما قالته الأخت marrokia فهو ما جال في خاطري أيضا:
    "من الصعب ان تجد صديقا وفيا
    لكن من الصعب جدا أن تكون أنت هو الصديق الوفي"
    لأن كل من تساله سيجيبك من غير استثناء بأنه صعب أن نجد الوفاء، وكأنني حينما أتحدث أجعل نفسي في مقام أكثر الأوفياء، لكن المشكل أن مسألة الوفاء هذه تبقى نسبية متعلقة بكل فرد على حدة، وحري بنا نحن أن نتساءل: هل نحن أوفياء حتى نستحق صديقا وفيا؟
    موفق أخي محمد ومني لك أرق تحية..

    ردحذف
  9. --الأخ صادق، أصدقاء الطفولة.. حين تغيب المصلحة والحزازات.. حينما تكون الصداقة بريئة! صدقت..

    --الأخ أسامة، تواجدك ينعشني أيضا، شكرا لك.

    --الأخ قلب العقرب، تعليق قيم هو! الأبيات تحمل قيمة هامة، خيرا فعلت بمشاركتها هنا..

    --الأخ عادل، ما أصعب المهمة! في الغالب ما تتكفل الصدف بجمعنا مع أصدقاء الطفولة، دمت صديقا.

    --الأخ عزيز، قليل منا من يعرف مفهوم الصداقة، وأقل من يطبقه!

    --الأخت المغربية، صدقت: "من الصعب أن تجد صديقا وفيا، لكن من الصعب جدا أن تكون أنت هو الصديق الوفي!"

    --الأخ عبد الهادي، لنحاول، قد ننجح في أن نكون أوفياء، ولو نسبيا..
    لا زال هناك أمل!

    ردحذف
  10. انا اقول انه لا يستطيع الانسان العيش من دون صديق

    ردحذف
  11. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    "من السهل ان تضحي من اجل صديق لكن من الصعب ايجاد الصديق الذي يستحق التضحية"

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)