04 أغسطس 2008

امين بدون تفكير

كانت خطبة جمعة كغيرها من الخطب،
لكنها أثارت انتباهي لنقطتين، أو لنقل خطأين : واحد من الخطيب و الاخر من المصلين !

بعد الاستفتاح و الخطبة و الصلاة على النبي، جائت مرحلة الدعاء الختامي كما هو معروف
"اللهم انصر الإسلام و المسلمين، اللهم اشف مرضى المسلمين، اللهم أنصر حامي الملة و الدين..."
لكن الخطيب أضاف جملة هي محور حديثي :
"اللهم إنا دعوناك كما أمرتنا، فاستجب لنا يا رب كما وعدتنا. اللهم استجب لنا في الحين، و لا تردنا يا رب خائبين".

هل انتبهتم لما انتبهت أنا إليه ؟
"دعوناك كما أمرتنا" ؟ من قال إننا حققنا جميع شروط الدعاء، حتى نحاسبه عز و جل و نقول أننا دعوناه كما أمرنا (بدون زيادة و لا نقصان)؟
على أي، هذه متجاوزة حسب نية الخطيب،،
لكن المثير للاستغراب فعلا، قوله : "اللهم استجب لنا في الحين"، يعني لا تستجب لنا غدا أو بعد غد، بل الان ! الان يجب أن يشفى جميع مرضى المسلمين و ينصر الإسلام و ترفع راية الإسلام و ننتصر على الاعداء و نتقدم و كل شيء. و إلا فقد ردَّنا ربنا خائبين خاسئين بدون استجابة الدعاء (أستغفر الله العظيم).

ما هذا ؟
منذ متى يجب تحديد مرحلة زمنية ما ليستجيب فيها ربنا لدعائنا ؟ أرى أنه سوء أدب كبير مع الخالق، أصبحنا أدرى بمصلحتنا و زمن تحقيقها من الخالق ؟ أصبحنا نقول أن الله ردنا خائبين لانه لم يستجب لدعائنا الان ؟ ثقنا في أنفسنا فنقول للعلي العظيم أننا دعوناه كما أمرنا، كما أمرنا ؟ هل تحسون بالوزن الثقيل لهذه الألفاظ ؟
اللهم اغفر لنا يا ربنا.

الواجب أن يدعو المسلم ربه بقلب صاف نقي، يستشعر أنه يخاطب الله الذي هو فوق سبع سماوات، أدرى بمصلحتنا منا. لا نحدد مددا زمنية تتحقق فيها الاستجابة، بل نثق أنه عز وجل لن يقدر لنا إلا ما هو خير لنا، فلسنا ندري هل الخير مع الاستجابة لدعائنا أم تأخير الأمر، الكل بيده.
المسلم يرضى بما اختاره الله له، فإذا استجاب الله له شكره، و إلا فيحتسب الأجر عند الله واثقا أن الخير فيما اختاره الله له. لا أن نقول بالصوت العالي : يا رب لقد رددتنا خائبين، معاذ الله، إنه ربنا أعطانا عقلا لنفكر به.

طبعا الأمر يختلف عن مسألة تمني تحقق الاستجابة في أقرب وقت، مثلا المريض عندما يدعو ربه يتمنى لو أنه يشفى اليوم و ليس غدا، لكن لا يطلب من الله أن يشافيه اليوم، و إلا فقد رده خائبا بخفي حنين، فرق كبير بين هذا و ذاك.

على أي، هذا للخطيب، و التالي للمصلين :

عند بداية الخطيب الدعاء، يفتتح الدعاء بالصلاة الإبراهيمية، ثم :
"ورد اللهم عن الصحابة و التابعين، و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم انصر الإسلام و المسلمين، و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..." إلخ.
المصلون يكررون لفظ "امين" بعد كل دعاء. شيء جيد، لكن لاحظت أن نصف المصلين أو يزيدون يكررون "امين" وراء جمل ليست بأدعية :
"ورد اللهم عن الصحابة و التابعين (امين)، و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين (امين)..."
على ماذا يقولون "امين" ؟
هل "ورد اللهم عن الصحابة و التابعين" دعاء يجب ذكر امين بعده ؟ و كذلك "ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين"، هل هي دعاء ؟
الخطيب لم يصل لمرحلة الدعاء بعد، فقط يذكر أن التالي دعاء وصل إلينا بالتابع عن طريق الصحابة و التابعين و من تبعهم إلى يومنا هذا، لا يوجد شيء نقول ورائه امين..
لكن البعض اعتاد على ذكر "امين" دون تدبر معنى الدعاء، امين على ماذا ؟
يبدو أن تلك الثواني التي يتوقف فيها الخطيب للتنفس، و استرسال الدعاء، يعتقد الحاضرون أنها إشارة لذكر كلمة "امين" ! يعني اعتدنا على الأمر لا غير، أصبح يتم بطريقة الية.

و السلام على من تدبر الدعاء و فهمه، ثم أمن عليه.






تعليقات فيسبوك:


هناك تعليقان (2):

  1. استغرب ان يكون الخطيب بهذه الجرءة، لاباس هي حسن نية لا غير ..

    ما يغيضني هو الدعاء على الكفار واليهود وما شابه .. بالمسخ والموت والامراض ..

    دائما كنت اعارض هذا الامر بينما باقي المصلين يرددون: آآآآآآآآآآآآآآمين

    كلمة آمين هذه لا أصل لها من الشرع، فحتى بعد انتهاء الامام من قراءة الفاتحة يردد الناس آآآآآمين ؟؟؟؟

    ومخالفات كثيرة لا داعي لذكرها، مثل كلمة بلى .. او ترديد تكبيرة الاحرام بعد الامام في صلاة الجنازة او صلاة العيد ..

    على اي هذا ليس بغريب
    فمعظم المصلين مع الاسف ورثوا الاسلام كما يرث احدهم أرضا او حقل زراعة

    فوالدي يصلي كما كان يصلي والده دون زيادة او نقصان
    رغم الاخطاء الفادحة التي يقوم بها في الصلاة بل حتى في قراءة الفاتحة ..

    اعتقد اننا بحاجة الى دراسة الاسلام لكي نفهمه عن وعي واقتناع، اما الاسلام الوراثي فنتائجه هي ما نراها الان في أرجاء العالم الاسلامي

    مسلم يدخن
    مسلم يشرب الخمر
    مسلم يكذب
    مسلم يخون الامانة
    مسلم يسرق ..

    بعد كل ذلك، وعند حلول المساء تراه في المسجد يصلي ويطلب المغفرة من الله

    ردحذف
  2. المشكلة هي أنك لو أردت أن توضح لأحدهم خطأ ما يفعل، استعد، ربما يهجم عليك !

    كثيرة هي الأخطاء التي نقوم بها، و مع التكرار أصبحنا معتادين عليها ولا نرد لها بالا، لكن عندما ياتي إليها مسلم من بلد بعيد، يلاحظ الفرق في الكثير من الامور فيبدأ النقاش : ماهو الأصحن ما نفعله نحن أم تفعلونه أنتم؟ و بذلك تعم الفائدة لكلا الطرفين.

    كما للجهل و العادات نصيب من هذا، الله يستر من بعض العادات الدخيلة على الإسلام، و في نفس الوقت يراها كثيرون جزء لا يتجزء منه.
    اللهم اهدنا لصالح الأعمال.

    ردحذف

مدونة محمد أعمروشا مدوّنة شخصية في قالب مغربي، عن السفر، الهوايات وتجارب الحياة. أنشر فيها آرائي فيما يخصّ المنطقة العربية، التقنية وأحيانا تفاصيل حياتي الشخصية :)