يُحكى أنّ طنجة عرفت أحدًا بدايته مظاهرة سلمية، نهايته تخريب واعتداء على ممتلكات عامة وخاصة.
مرّ أسبوع الآن، عادت الحياة لطبيعتها. الناس ينسون، سبقتها مصائب عظام وما ذكرها أحد بعد أن انتهت دورتها البيولوجية.
في الشارع، في الكلية، في المتجر وفي أيّ زاوية، الجميع محلّل اجتماعي، تفسيرات بالجملة لما حصل: الأمن تعمّد عدم التدخّل استجابة لأوامر عليا (هناك أوامر دنيا مثلا؟)، المخزن ذكي إذ ترك المخرّبين يعيثون في الأرض فسادا، حتى يتّعظ الشعب ويسبّح بوجود النظام، فكما يقول المثل: "المخزن الظالم ولا الرعية الفاسدة". نسينا أنّ فساد الرعية ليس إلّا نتيجة لظلم المخزن، ولمن لا يعرف معنى المخزن من غير المغاربة فهو لقب غير رسمي للطبقة الحاكمة التي تدين بولائها للملك. لا أحد يعرف بالضبط ما هو المخزن، من هم رجالاته، أالمخزن مع الشعب أم ضدّه، ويحمي مصالح من. قبل هذا: لم لا زالت بلادنا تدعم ضمنيا المخزن؟
رأي محلّل آخر: الجزائر والبوليزاريو وراء القلائل التي تجري في المغرب، هم السبب! تماما كما يهذي البعض أنّ أمريكا وإسرائيل هما السبب وراء كلّ كوارث العالم، شيء أراه تشرّبا حتى العظام لنظرية المؤامرة، دعهم في مؤامرتهم يغرقون.. (لماذا؟ لأنّك إن حاولت الحديث لأحد معتنقي هذه النظرية فسيشكّ فيك ويعتقدك جزءا من المؤامرة!). الحمد لله أنّني لم أسمع تحليلا ينسب ما حصل للماسونية وبقية الحكاية، وإن كانت مسألة وقت فقط ليبدأ منظّرو الماسونية في الكلام الفارغ.
وتستمرّ التحليلات ما بين مخرّبين مدعومين سرّا من رجال الشرطة لتنفيذ أجندة محدّدة (أجندة بالذات كلمة دخيلة على الثقافة المغربية، لم يكن يستخدمها أحد قبل شهور، البركة في الجزيرة، أو في أجندة الجزيرة!)، وما بين وحدة الوطن واستقرار البلاد يستوجب من الجميع الوقوف ضدّ المظاهرات، كأنّ المتظاهرين كانوا يدعون لتفريق الوطن وكسر استقرار البلاد مثلا؟
لكن الجميع بطريقة أو بأخرى متّفق على عدم شرعية التخريب وتدمير الممتلكات. لكن مهلا: أليس المخرّبون نتاج سياسة الوطن، أليس المخرّبون نتاج ثقافة مجتمع؟ يحكي لي أحد المقرّبين أنّ مجموعة مخرّبين كسرت واجهة وكالة بنكية وأرادوا نهبها، ما سرقه أحدهم كان عبارة عن لوحة مفاتيح! بالنسبة لي أنا وأنت ومن يقرأ هذا المقال فلوحة المفاتيح أرخص قطعة حاسب يمكنك شراؤها، ماذا عمّن لم يستخدم الحاسب في حياته؟ ماذا لو كان أمل الشاب ذاك الحصول على حاسب والإتصال بالنت ليكتشف العالم الذي شغل الناس؟ لكنّ ضواحي طنجة بدون شبكة إنترنت، ضواحي طنجة في فقر وتخلّف وبعضها بدون إمدادات مياه الشرب حتى، أأتحدّث عن اتصال انترنت؟ مدارسها بدون حواسيب وإن توفّر واحد فلسيادة المدير، وطبعا لا وجود لسياسة تأهيل إلّا في نشرة الأخبار.
نلوم الفتى أن كسر واجهة المصرف وسرق لوحة مفاتيح؟ مبدؤه أنّه يأخذ ما هو له، من حقّه الحصول على حاسب! هنا أقف على سياسة عجيبة في وطننا: يحصل طلّاب الماستر أو الهندسة على حواسب مجانية أو بأثمنة تفضيلية، مع اتصال إنترنت. علما أنّ معظم إن لم أقل كلّ طلّاب الماستر والهندسة يملكون حواسب مسبقا لأنّ السنوات السابقة تستلزم استخدام حاسب. لكن ويا للمفارقة: طلّاب الباكالوريا مثلا، أو طلّاب الإجازة الذين هم في حاجة لمثل هذا العرض يُحرمون منه. قاعدة إغناء الغني وإفقار الفقير في شكل بسيط.
ومن المواقف التي أذكر يوم المظاهرة مرور سيارة فخمة لم يكن صعبا عليّ معرفة صاحبها، تلقّت السيارة تلك حجرا على واجهتها فتشقّق زجاجها الأمامي، وبدى السائق غاضبا. أمامي مراهقان قال أحدهما: "أنظر للسيارة، المسكين اعتدوا عليه" فردّ صاحبه: "المسكين هو أنت! واضح أنّ صاحبها يملك من النقود ما يكفي لإصلاحها الليلة، ثمّ إنّه يستحقّ ما حصل له.."
كان تنبّؤ الشاب ذاك صحيحا، أيّام وصاحبنا بسيارة أخرى، أكثر فخامة من الأولى! وطبعا أيام أخرى وسينسى سيرة الحجر. أمّا عن استحقاقه لما حصل أم لا فهذا مفهوم اجتماعي آخر: يفترض الكثير من الشباب الذي نشأ فوجد نفسه في حيّ فقير، ثم كبر ليكتشف وجود حيّ فيلات فخمة بالجوار أنّ هناك خللا كبيرا: نقود هؤلاء الأغنياء ليست إلّا نقودنا نحن الفقراء، سُرقت منّا أو استغلّوا طيبة آبائنا، وإلّا فقد أخذت منّا بالقوة، مرور الزمن لا يعفينا من أخذ ما هو لنا.
والواقع يقول إنّ الكثير ممّن اغتنى، سكّان الفيلات، كان اغتناؤه على ظهر عمّاله الفقراء: هم كالعبيد في مصنعه لا راحة ولا استراحة، وطبعا لا وجود لانخراط في ضمان صحّي درءا لدوائر الزمن (في المقابل ستجد جميع أبناء صاحب الشركة منخرطين في الضمان الصحي التابع للشركة، وهم لم يدخلوها يوما)، لا وجود لتقاعد يحفظ ماء الوجه يوم الهرم، لا وجود لعطل وبعد كلّ هذا يحصل العامل على راتب والمدير يمنّ عليه! يلبس مدير الشركة الجلباب الأبيض يوم الجمعة ويوزّع الصدقات، ربّما يساهم في بناء مسجد أيضا، يراه الناس الشيخ الفاضل في زمن قلّ فيه الرجال، يرونه تقيّا غنيا محقّا لحقوق الله ولو اطّلعوا على جزء من الحقيقة لبلعوا لسانهم من هول الصدمة.
لم يكد الأسبوع ينتهي حتى أطلّ علينا الإعلام بخبر محاكمة مشاغبي طنجة، 10 سنوات سجنا، وكانت التهم: تكوين عصابة إجرامية، السرقة الموصوفة، التخريب والإتلاف العمدي، إضرام النار عمدا في ممتلكات عامة وخاصة، إتلاف مستندات بنكية، التجمهر المسلّح، العصيان والاعتداء على موظفين عموميين أثناء مزاولة عملهم. قائمة تهم ثقيلة انتهت بأحكام زجرية للمخرّبين، ردعية لبقية المواطنين، كما يقال.
لكنّ قضاءنا قويّ على الضعيف فقط، بل ولا أظنّ المحاكمة تمّت بطريقة قانونية كإخبار أهالي المتّهمين وتوكيل محامي للدفاع عنهم، وهل مدّة 4 أيّام كافية ليصدر القضاء حكمه؟
كذلك الشعب موافق لمسار المحاكمة هذا، الناس عاطفية في اتّخاذ قرارها: تتجاوز للأوّل إن سرق قطعة عمومية وبنى عليها قصرا من أموال الشعب، على أن يتغابى على الناس حتى يُصدّقوا روايته، وعلى ألّا يأخذ ممّا للمواطن بعلمه حتى تظلّ الناس جاهلة بما يحدث. هؤلاء الذين يتجاوزون على الأوّل لا يتردّدون في التشديد على ضرورة معاقبة المخرّب الذي كسر هاتفا عموميا وواجهة متجر راق.
هو مجتمع يشيد بسقوط آل الطرابلسي في تونس ويمدح استقرار الوضع في المغرب، ونسي أنّ آل الطرابلسي التوانسة ليسوا إلّا أطفالا مقارنة بآل الطرابلسي النسخة المغربية، نسي أنّ آل الطرابلسي التوانسة يدينون ب100 مليون دولار (ما كشف عنه الإعلام لحدّ الآن) لآل الطرابلسي المغاربة.
على أيّ، زرّ النشر والبقية في الحلقة القادمة ربّما ^_^
تحديث1: ما سُقته فوق من كلام فهو في سياقه، والتبريرات ليست تبريراتي بقدر ما هي سرد لما سمعتً الناس تتحدّث به.
حينما أقول مثلا: "نلوم الفتى أن كسر واجهة المصرف وسرق لوحة مفاتيح؟ مبدؤه أنّه يأخذ ما هو له، من حقّه الحصول على حاسب!"، فأنا لا أشرّع للفتى السرقة، لكن أعرض تبريره هو للسرقة (الذي سيختلف حوله الناس طبعا)، أقول إنه هو يرى أنّ من حقّه الحصول على حاسب، ولا أقصد أنّني أدعم أخذه للحاسب بالسرقة.
تحديث2: أنا لا أبرّر أعمال النهب والسرقة لكن أتحدّث عمّا يليها، أتحدّث عن العدالة وتطبيقها على الجميع. لا أحد فوق العدالة. إذا كان الكبير القويّ يجد طريقا للهرب من العقوبة فكيف لي ألّا أشفق على الصغير الذي يعاقب أشدّ العقاب إن أذنب؟
مرّ أسبوع الآن، عادت الحياة لطبيعتها. الناس ينسون، سبقتها مصائب عظام وما ذكرها أحد بعد أن انتهت دورتها البيولوجية.
في الشارع، في الكلية، في المتجر وفي أيّ زاوية، الجميع محلّل اجتماعي، تفسيرات بالجملة لما حصل: الأمن تعمّد عدم التدخّل استجابة لأوامر عليا (هناك أوامر دنيا مثلا؟)، المخزن ذكي إذ ترك المخرّبين يعيثون في الأرض فسادا، حتى يتّعظ الشعب ويسبّح بوجود النظام، فكما يقول المثل: "المخزن الظالم ولا الرعية الفاسدة". نسينا أنّ فساد الرعية ليس إلّا نتيجة لظلم المخزن، ولمن لا يعرف معنى المخزن من غير المغاربة فهو لقب غير رسمي للطبقة الحاكمة التي تدين بولائها للملك. لا أحد يعرف بالضبط ما هو المخزن، من هم رجالاته، أالمخزن مع الشعب أم ضدّه، ويحمي مصالح من. قبل هذا: لم لا زالت بلادنا تدعم ضمنيا المخزن؟
رأي محلّل آخر: الجزائر والبوليزاريو وراء القلائل التي تجري في المغرب، هم السبب! تماما كما يهذي البعض أنّ أمريكا وإسرائيل هما السبب وراء كلّ كوارث العالم، شيء أراه تشرّبا حتى العظام لنظرية المؤامرة، دعهم في مؤامرتهم يغرقون.. (لماذا؟ لأنّك إن حاولت الحديث لأحد معتنقي هذه النظرية فسيشكّ فيك ويعتقدك جزءا من المؤامرة!). الحمد لله أنّني لم أسمع تحليلا ينسب ما حصل للماسونية وبقية الحكاية، وإن كانت مسألة وقت فقط ليبدأ منظّرو الماسونية في الكلام الفارغ.
وتستمرّ التحليلات ما بين مخرّبين مدعومين سرّا من رجال الشرطة لتنفيذ أجندة محدّدة (أجندة بالذات كلمة دخيلة على الثقافة المغربية، لم يكن يستخدمها أحد قبل شهور، البركة في الجزيرة، أو في أجندة الجزيرة!)، وما بين وحدة الوطن واستقرار البلاد يستوجب من الجميع الوقوف ضدّ المظاهرات، كأنّ المتظاهرين كانوا يدعون لتفريق الوطن وكسر استقرار البلاد مثلا؟
لكن الجميع بطريقة أو بأخرى متّفق على عدم شرعية التخريب وتدمير الممتلكات. لكن مهلا: أليس المخرّبون نتاج سياسة الوطن، أليس المخرّبون نتاج ثقافة مجتمع؟ يحكي لي أحد المقرّبين أنّ مجموعة مخرّبين كسرت واجهة وكالة بنكية وأرادوا نهبها، ما سرقه أحدهم كان عبارة عن لوحة مفاتيح! بالنسبة لي أنا وأنت ومن يقرأ هذا المقال فلوحة المفاتيح أرخص قطعة حاسب يمكنك شراؤها، ماذا عمّن لم يستخدم الحاسب في حياته؟ ماذا لو كان أمل الشاب ذاك الحصول على حاسب والإتصال بالنت ليكتشف العالم الذي شغل الناس؟ لكنّ ضواحي طنجة بدون شبكة إنترنت، ضواحي طنجة في فقر وتخلّف وبعضها بدون إمدادات مياه الشرب حتى، أأتحدّث عن اتصال انترنت؟ مدارسها بدون حواسيب وإن توفّر واحد فلسيادة المدير، وطبعا لا وجود لسياسة تأهيل إلّا في نشرة الأخبار.
نلوم الفتى أن كسر واجهة المصرف وسرق لوحة مفاتيح؟ مبدؤه أنّه يأخذ ما هو له، من حقّه الحصول على حاسب! هنا أقف على سياسة عجيبة في وطننا: يحصل طلّاب الماستر أو الهندسة على حواسب مجانية أو بأثمنة تفضيلية، مع اتصال إنترنت. علما أنّ معظم إن لم أقل كلّ طلّاب الماستر والهندسة يملكون حواسب مسبقا لأنّ السنوات السابقة تستلزم استخدام حاسب. لكن ويا للمفارقة: طلّاب الباكالوريا مثلا، أو طلّاب الإجازة الذين هم في حاجة لمثل هذا العرض يُحرمون منه. قاعدة إغناء الغني وإفقار الفقير في شكل بسيط.
ومن المواقف التي أذكر يوم المظاهرة مرور سيارة فخمة لم يكن صعبا عليّ معرفة صاحبها، تلقّت السيارة تلك حجرا على واجهتها فتشقّق زجاجها الأمامي، وبدى السائق غاضبا. أمامي مراهقان قال أحدهما: "أنظر للسيارة، المسكين اعتدوا عليه" فردّ صاحبه: "المسكين هو أنت! واضح أنّ صاحبها يملك من النقود ما يكفي لإصلاحها الليلة، ثمّ إنّه يستحقّ ما حصل له.."
كان تنبّؤ الشاب ذاك صحيحا، أيّام وصاحبنا بسيارة أخرى، أكثر فخامة من الأولى! وطبعا أيام أخرى وسينسى سيرة الحجر. أمّا عن استحقاقه لما حصل أم لا فهذا مفهوم اجتماعي آخر: يفترض الكثير من الشباب الذي نشأ فوجد نفسه في حيّ فقير، ثم كبر ليكتشف وجود حيّ فيلات فخمة بالجوار أنّ هناك خللا كبيرا: نقود هؤلاء الأغنياء ليست إلّا نقودنا نحن الفقراء، سُرقت منّا أو استغلّوا طيبة آبائنا، وإلّا فقد أخذت منّا بالقوة، مرور الزمن لا يعفينا من أخذ ما هو لنا.
والواقع يقول إنّ الكثير ممّن اغتنى، سكّان الفيلات، كان اغتناؤه على ظهر عمّاله الفقراء: هم كالعبيد في مصنعه لا راحة ولا استراحة، وطبعا لا وجود لانخراط في ضمان صحّي درءا لدوائر الزمن (في المقابل ستجد جميع أبناء صاحب الشركة منخرطين في الضمان الصحي التابع للشركة، وهم لم يدخلوها يوما)، لا وجود لتقاعد يحفظ ماء الوجه يوم الهرم، لا وجود لعطل وبعد كلّ هذا يحصل العامل على راتب والمدير يمنّ عليه! يلبس مدير الشركة الجلباب الأبيض يوم الجمعة ويوزّع الصدقات، ربّما يساهم في بناء مسجد أيضا، يراه الناس الشيخ الفاضل في زمن قلّ فيه الرجال، يرونه تقيّا غنيا محقّا لحقوق الله ولو اطّلعوا على جزء من الحقيقة لبلعوا لسانهم من هول الصدمة.
لم يكد الأسبوع ينتهي حتى أطلّ علينا الإعلام بخبر محاكمة مشاغبي طنجة، 10 سنوات سجنا، وكانت التهم: تكوين عصابة إجرامية، السرقة الموصوفة، التخريب والإتلاف العمدي، إضرام النار عمدا في ممتلكات عامة وخاصة، إتلاف مستندات بنكية، التجمهر المسلّح، العصيان والاعتداء على موظفين عموميين أثناء مزاولة عملهم. قائمة تهم ثقيلة انتهت بأحكام زجرية للمخرّبين، ردعية لبقية المواطنين، كما يقال.
- "تكوين عصابة إجرامية"، وددت لو تُحاكم كلّ مجموعة تسيطر على العقار في طنجة وتحتكره، تسرق أموال الشعب تحت غطاء قانوني، تدمّر اقتصاد الوطن بالتهريب، تتاجر في المخدّرات، بعشر سنوات سجنا، لم تكن العصابة الإجرامية يوما حكرا على من استغل حياد الأمن فسيطر على بعض المنقولات.
- "السرقة الموصوفة"، وددت لو يحاكم سياسيو طنجة من نواب، جماعة حضرية، وولاية على سرقتهم الموصوفة للنقوذ التي يحصّلونها من ضرائب الشعب، لو يحاكم المتصرّفون في ميزانيات رصف الشوارع غرس الحدائق إصلاح الإنارة جباية الأسواق وهلم جرّا، بعشر سنوات سجنا.
- "التخريب والإتلاف العمدي"، وددت لو يحاكم من حوّل شاطئ طنجة البلدي لمكبّ نفايات، من خرّب الغابات المحيطة بطنجة وكذا من خرّب آثارها التاريخية حتى تكاد تختفي، من أتلف جمالية المدينة وأصالتها، بعشر سنوات سجنا.
- "إضرام النار عمدا في ممتلكات عامة وخاصة"، يحضرني هنا الغابة شرق طنجة التي أضرمت فيها النار الصيف الماضي، قيل إنّ الحريق عائد للظروف الجوية يومها، وقيل أيضا إنّ الحريق متعمّد ليجد أصحاب العقار طريقا لاستغلال أراضي الغابة. وددت لو يحاكم مفتعل الحريق بعشر سنوات سجنا، كما وددت لو يحاكم وزير مغربي أضرم النار في أحلام عشرات الآلاف من شباب المغرب، ليس بعشر سنوات ولكن باسترداد المظلوم لحقّه.
- "التجمهر المسلّح"، ماذا عن تجمهر المرشّحين للإنتخابات وإمطارهم الشعب بسيل من الوعود الكاذبة، وأيضا رشاوى وابتزازات من أجل التصويت عليهم، ثم اختفاؤهم مباشرة بعد انتهاء الإنتخابات؟ لعمري من يحمل سلاحا باديا أهون على المرء ممّن يحمل سلاحا متخفّيا، الأول تراه من بعيد فتتجنّبه، الثاني يتودّد إليك ويغركّ بكلامه المعسول، يصدّقه الناس فيطعنهم واحدا واحدا حينما يجلس على الكرسي.
- "الإعتداء على موظفين عموميين أثناء مزاولة عملهم"، أملي بعشر سنوات سجنا لكل من اعتدى على مواطن مغربي أثناء طلبه حقّه من إدارة عمومية: الحق في الحصول على بطاقة التعريف دون أداء رشوة، الحق في استقبال الموظف للمواطن في أيّ ساعة من ساعات العمل الرسمية الثمانية، الحق في تجهيز ملف المواطن أيّا كان في مواعيد محدّدة سلفا (لا أن يحصل جارك على رخصة السياقة في يومين وكلّما ذهبت أنت يجيبونك: لم تجهز بعد، عد الأسبوع المقبل).. هي حقوق بديهية المغترض ألّا تكون موضع نقاش أصلا.
لكنّ قضاءنا قويّ على الضعيف فقط، بل ولا أظنّ المحاكمة تمّت بطريقة قانونية كإخبار أهالي المتّهمين وتوكيل محامي للدفاع عنهم، وهل مدّة 4 أيّام كافية ليصدر القضاء حكمه؟
كذلك الشعب موافق لمسار المحاكمة هذا، الناس عاطفية في اتّخاذ قرارها: تتجاوز للأوّل إن سرق قطعة عمومية وبنى عليها قصرا من أموال الشعب، على أن يتغابى على الناس حتى يُصدّقوا روايته، وعلى ألّا يأخذ ممّا للمواطن بعلمه حتى تظلّ الناس جاهلة بما يحدث. هؤلاء الذين يتجاوزون على الأوّل لا يتردّدون في التشديد على ضرورة معاقبة المخرّب الذي كسر هاتفا عموميا وواجهة متجر راق.
هو مجتمع يشيد بسقوط آل الطرابلسي في تونس ويمدح استقرار الوضع في المغرب، ونسي أنّ آل الطرابلسي التوانسة ليسوا إلّا أطفالا مقارنة بآل الطرابلسي النسخة المغربية، نسي أنّ آل الطرابلسي التوانسة يدينون ب100 مليون دولار (ما كشف عنه الإعلام لحدّ الآن) لآل الطرابلسي المغاربة.
على أيّ، زرّ النشر والبقية في الحلقة القادمة ربّما ^_^
تحديث1: ما سُقته فوق من كلام فهو في سياقه، والتبريرات ليست تبريراتي بقدر ما هي سرد لما سمعتً الناس تتحدّث به.
حينما أقول مثلا: "نلوم الفتى أن كسر واجهة المصرف وسرق لوحة مفاتيح؟ مبدؤه أنّه يأخذ ما هو له، من حقّه الحصول على حاسب!"، فأنا لا أشرّع للفتى السرقة، لكن أعرض تبريره هو للسرقة (الذي سيختلف حوله الناس طبعا)، أقول إنه هو يرى أنّ من حقّه الحصول على حاسب، ولا أقصد أنّني أدعم أخذه للحاسب بالسرقة.
تحديث2: أنا لا أبرّر أعمال النهب والسرقة لكن أتحدّث عمّا يليها، أتحدّث عن العدالة وتطبيقها على الجميع. لا أحد فوق العدالة. إذا كان الكبير القويّ يجد طريقا للهرب من العقوبة فكيف لي ألّا أشفق على الصغير الذي يعاقب أشدّ العقاب إن أذنب؟
استخدمت المنطق في تحليلك اخي محمد ثم ان المنطق لا يستخدمه الا القلائل في هذا العصر
ردحذفيقولون ان العاصفة مرت بسلام ،ناهيك عن مخلفاتها
دوما نذكر امواتنا بالخير ... هذا ما سنفعله يوم يموت القذافي ايضا ان شاء الله
كل ما قلت عين الصواب
لا اضافة فقط ننتظر زر نشرك ال next
دمت بود
سلام
السلام عليكم
ردحذفمحمد، في حديثك أحسست تعاطفا كبيرا مع كل الذين حوكموا بعد الأعمال التخريبه لأحداث 20 فبراير.... تعاطفك كان مبنيا على أسس بعضها غير منطقي في نظري.
=" فساد الرعية ليس إلّا نتيجة لظلم المخزن"،
لماذا تعودنا أن نلقي دوما بالمسؤولية على الآخرين...لماذا لم تقم أنت يا محمد بنهب بنك رغم أنك تعاني من ظلم المخزن؟ لماذا لم يقم فلان وفلان وفلان بحرق البلد والولاية وابن عم الفاسي لأنه يعاني من ظلم المخزن؟
فليتحمل كل واحد مسؤوليته، ففساد الرعية سببه الأول هو سوء التربية وقلة الوعي و( الضسارة) بمفهومها الذي نعرفه.
=لوحات المفاتيح التي سرقت وهيئ لك أن ربما يحتاجها ذلك الشاب، وجدت مرمية هنا وهناك في شوارع المدن المنهوبة، أما ما اختفى منها ففي أسواق الخردة عرض للبيع.. الهدف هو التخريب من أجل التخريب
= أعجبني نموذج السيارة الفخمة، لكن أليس من الممكن أن يكون صاحبها مجرد انسان عاش الشح والجوع وراكم ملايينا من الديون فقط من أجل شراء سيارة في المستوى. أعرف أناسا عملوا أياما كثيرة اضافية ليحصلوا في النهاية على سيارات أحلامهم؟ كان من الممكن أن تحرق السيارة ومعها أموالهم وأحلامهم...
أهؤلاء الشباب هم الذين سيزيلون الفساد من البلد؟
لا أعتقد..
الأحكام التي صدرت، ممكن تكون قاسية قليلا لكنها ليست ظالمة، فالرعب الذي زرعه المخربون في قلوب الناس يستحق أن يعاقبوا عليه.
وتبقى تمنياتي التي أشاركك اياها هي تحقيق الأحكام الأخيرة في تدوينتك، ليكون قضائنا قويا على الضعيف والقوي أيضا.
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفلا أتفق معك في كل ما قلته لكن أتفق مع فكر شخصك الكريم في ما ودد لو ...
ردحذفللوقح صاحب التعليق اثالث: كل إناء بما فيه ينضح، فتباً لكل وقح
ردحذف_____
من شعارات شباب 20 فبراير: حرية، كرامة، عدالة اجتماعية
أخي محمد طريقة تفكيرك سليمة رغم ذلك تبقى الأمثلة التي طرحتها محل نقاش ، حيث أني لست أشاطرك الرأي عندما تبرر أفعال النهب و الشغب تلك بالفقر .. خصوصا الشاب الذي حطم واجهة بنك ليسرق ما لم يكن له، تخيل أخي محمد أن يأخذ كل مواطن حقه بهذ الطريقة ... لعشنا في غابة و ليس في دولة !
ردحذفلك التحية تقبل مروري :)
كلام عاطفي وتعاطفي سارح في الخيال، وممكن عقلاني وعاقل جدًا.. كل ونظرته للأشياء
ردحذفمهما يكن، الله يحفظك
لو المعطلين وجدوا شغلا يقتاتو منه..
ردحذفلو الموظفين والعمال زيدت في أجورهم من أجل تحسين ظروفهم المعيشية..
لو كانت هناك حرية تعبير، وحقوق إنسان..
لو لم يكن هناك فساد ..
لما رأينا مثل هاته الأعمال تخرب بلادنا..
كنت هنا.. وسأبقى..
أهلا بالجميع، أضفت تحديثا في نهاية المقالة فقد تبيّن لي أنّ جزءا ممّا كتبته فُهم بالشكل الذي لم أقصده.
ردحذف--مغربية، مقارنة بما يحدث للآخرين فأنا لا أعاني من ظلم المخزن، أعيش في أحد الأحياء الراقية بطنجة، لا وجود ل"مقدم" ولا"شيخ" وهلمّ جرا، لا وجود لدائرة أمنية في حيّنا.
المخزن لا يظلمني، لكنّني أراه يظلم أصدقائي وضعيفي الحيلة.
سناء، إذا حلّلنا نفسية المخرّب فأنا متأكّد أنّنا لن نجد التخريب لأجل التخريب قاعدة محقّقة، التخريب ذالك ليس إلّا سلوكا طفى على السطح بعد تراكمات ظلم وقهر مجتمعي بالجملة.
أمّا صاحب السيارة فقد قلت إنّني أعرفه يا سناء، أعرف شركته وأبناءه وبيته وسيّاراته وهلمّ جرا، كان مثالا مدروسا بعناية.
لا يمكننا الإتفاق حول قسوة أو ظلم الأحكام، كل واحد ومفهومه ويبقى القضاء الفصل. ما يهمّني هو أن تكون الأحكام عادلة على الجميع، وليس على فرد دون آخر. بالنسبة لي أعتبر سجن الزاني ظلما كبيرا له إذا كان القاتل لا يعاقب.
سناء، تقولين الرعب الذي زرعه المخرّبون، هل تعلمين أنّ هؤلاء المخربين هجموا على بيت أحد أفراد العائلة الذي كان فارغا لحظتها، وعاثوا فيه فسادا وغادروا دون أن ينتبه أحد؟ مع ذلك أرى أنّ الرعب الذي مورس علينا لا يقارن مع رعب أكبر منه بكثير، نعيشه في الحياة اليومية، أقصد يعيشه الناس في حياتهم.
@@ شكرا عالرد يا محمد ابن الأحياء الراقية ( أتهكم هاته المرة)
ردحذفعديدون هم من ظلموا من المخزن لكن قلائل فقط هم الذين يبررون أفعالهم التخريبية بهذا الظلم، ورغم ذلك فهو أبدا لا يبرر القيام بمثل هاته الأعمال.
ربما كنت أخي تعرف صاحب السيارة في المثال، لكنها ليست السيارة الوحيدة التي كسرت أو حطمت... في منطقة صفرو مثلا تم تكسير حافلة فوق رؤوس راكبيها، وتكسير سيارة بجانبها وقف صاحبها مكسورا أيضا دون أن يستطيع فعل شيء، قبل أن يبدأ توسلاته كي لا يحرقوها مخافة حدوث انفجار كبير..
لا أعتقد أن هناك رعب يعيشه أشخاص كثر، فقط من أراد أن يحياه فيلقي باللوم على الآخرين كسبب لهذا الرعب ...
سعدت بمناقشتك
سلاموو
واحد السلام عليكم
ردحذفاقتباس :
مدارسها بدون حواسيب وإن توفّر واحد فلسيادة المدير.
هي على هاد الحساب مدن وقرى الجنوب خير منها!
لأن لدينا في كل بيت تقريباً حاسوب، وفي كل مدرسة مجموعة منها للعمل عليها.
الجميع بطريقة او باخرى صارت وسيلته للتواصل مع اهله بالخارج، او مع العالم الافتراضي.
وصدمة ان نعرف بانه ماتزال مدينة في الشمال ،
او حتى ضواحي.. لاعلاقة للناس فيها مع التكنولوجيا.
وطبعاً تلك المناطق قد نسميها صراحةً "العروبية".
اقتباس :
ردحذفنقود هؤلاء الأغنياء ليست إلّا نقودنا نحن الفقراء، سُرقت منّا أو استغلّوا طيبة آبائنا،
وسوف تكتشف أيضاً أن هناك في هذه الدنيا، في هذه البلاد
أناس يجدون ويعملون لكي يحسنوا دخلهم، وحتى مع مشاكلهم المالية لايفوتون الفرصة لكي يبدو بمظهر الناس الغنية.
لذا لا يجب ان نحكم على الناس كلها في خانة واحدة،
الا الوزراء ورؤساء الجماعات والمجالس البلدية بالنسبة لي ومن والاهم ، فهم حتى بعد الحدمة يحصلون على الرواتب الخيالية وتلك من ضرائبنا لاشك فيها
ولا نقاش.
أكثر ماهو مثير للصدمة هو الحكم باربعين سنة!!
ردحذفليتهم يحكمون بنصف تلك المدة على لصوص المال العام.
لاتي-lati
أعتذر على ترك تعليقاتي بغير معرف
لاني اد الصباح معكازة مافي اللي يدخل للحساب..
لأني مركزة ف الكتابة.
احيي مع اختلافنا في بعض النقط، وهو شئ طبيعي للغاية
على تدوينتك خويا محمد.
انا غير معرف
ردحذفاللي من بعد مغربية ماشي اللي من قبله
أخي محمد أشكرك على هذه المقالة التي تطرقت فيها إلى مجموعة من النقاط لا تنسى أننا شعب الكريتيك أي أننا ننتقد كل الشيء و ما ان يحدث شيء في المشرق أو المغرب حتى ترى ألسنة الجميع تطول بالتحليل و النقاش
ردحذفولا تنسى ان سياسة افقار الفقير و اغناء الغني أضحت جزء من الثقافة المغربية و لا أستبعد أنهم يزيدوها لينا مادة في الكلية هههـ
سلامي
صدقني أنه لا يقع في يد العدالة إلا المجرمون الصغار الكبار لديهم من الإمكانيات ما يجعلهم بعيدا عن المشاكل والإزعاج إن صح التعبير.
ردحذفوالله من كل قلبي أتمنى أن تزول هذه السحابة التي تأخرت في الإنقشاع عنكم بالتوفيق محمد.
ردحذفأتمنى أن تزول هذه السحابة يارب
ردحذفhttp://hdfna.blogspot.com
موضوع جميل وشيق يستحق التقيم
ردحذفwww.alnaddy.com
اراك طرقت كل الابواب باسلوب بسيط مقنع وحكيم.
ردحذفدمت مميزا اخي محمد.
تحليل جميل ومنطقي
ردحذف